ويتواصل الحديث عن شاعر الحكمة الشاعر ناصر بن شنار ، وهو شاعر معروف ومشهور من أهالي محافظة الحريق ، رئيس فرقة الحريق للفنون الشعبية وصاحب قصائد النصح والحكمة ، له ديوان مطبوع تضمن ما يقارب المئة قصيدة وأبيات في المحاورة والرد والمشاركات الوطنية والمناسبات وغيرها . والشاعر ناصر بن شنار بالفعل ينطبق عليه ويناسبه لقب ( شاعر الحكمة ) ذلك لأنه يبتعد عن استخدام تعبيره في هجاء أو إيذاء ، كما يصوغ شعره ليتوجه الاتجاه الإيجابي فيقدم الحكمة في محتواه وضمن مضامينه وأهدافه حتى أن هذا الهدف يضمن في معظم قصائده حتى لو كانت غزلا مثلا فإنها تتضمن بعض أبيات من هذا النوع ، ويزن شعره من حيث فائدته قبل قافيته ووزنه شكلا ، فالشعر قبل أن يكون كلاما هو تعبير من الشاعر وإحساس وشعور يعبر به عن مقاصد يوضي بها الشاعر أو يحرص على أن تصل إلى المتلقي كرسالة ، ويرى الشاعر أنه لابد أن تكون تلك المقاصد ذات قيمة ومعان جيدة . يقول في قصيدته التي تعطي هذا المعنى : قال الذي يازن جوابه بمعيار ما يختلف وزن الشعر عند راعيه الشعر له وزن وقيمه ومقدار عند الأديب اللي يسيس معانيه ويفصل المعنى تفاصيل بأفكار يازن جوابه قبل للناس يبديه ماكل من غاص البحر جاب محار بحر الهوى عسر على اللي يصاليه من قال أنا شاطر تعداه شطار راع الكبر نفسه تغره وتغويه ونعود مع الشاعر في قصيدة قديمة إلى الأمس حيث مضامينها تعيدنا إلى القديم فهو يذكر فيها الطبيب الرخاوي ، وهو من الأطباء القدماء في الرياض في الثمانينيات الهجرية وكان له عيادة في أول شارع الشميسي القديم مكانها مقابل المعيقلية الآن ، يقول الشاعر في قصيدة مكونة من 14 بيتاً نختار منها ما يلي : آه واعلة في ضامري داخلية علة ضيعت فكر الطبيب الرخاوي علة الحب تكبر كل صبح وعشية تجرح القلب جرح ما فيده مداوي مثل بقعا غثيثة سمها سم حية الحيل ما يفيد بها وكثر الشكاوي قال أجل وش يفيدك؟ قلت رب البرية عالم الغيب سبحانه وأنا به رجاوي يعطي الحق ما بين الخوي وخويه بالعدل ينصِفِه بيني وبينه يساوي يالله إني طلبتك يا عليم الخفيه يا عظيم الرجا ياللي لعبده شفاوي ومن قصائده ذات المعاني الجيدة والمضامين القوية والتي صاغها بحكمة وبيان بديع قوله: ولا بالقصد أنا ، كل وقع في بحر الأتلافي شرابيك الهوى قبلي محسين قد وقع فيها وهو هنا يقصد عموم المعنى وليس خصوص المقصود ويبعد عن نفسه أن يكون هذا الغزل يخصه هو وإنما يبين أن المراد صفة عامة لا موصوفا محددا ، ويشير لمحسن الهزاني بقوله محيسن . ويكمل القصيدة ويتضح منها بيان وبلاغة وحكمة الشاعر فيقول: أصافي من يصافيني وأعرف الكدر والصافي أحب العز والعيلات أجنبها وأخليها وأنا لي عادة ما أحط رجلي فوق مهيافي أثبتها عن دروب الزلل من قبل أوطيها أدل الدرب في ممشاي من قدام وخلافي ولا لي بالدروب اللي تضيع من مشى فيها ولا أفضي سدتي للي على الزلات لقافي يصايد هرجة مني زلل ، تفنى ويحييها ونختم بهذه القصيدة الجميلة ذات الأبيات الطويلة في بنائها ، البديعة في سبكها والعذبة في مفرداتها ومعانيها والهادفة في مضامينها ، على أن بحر شعر الشاعر : ناصر بن شنار غزير يستحق أن يناقش في حلقات ، ولنا معه وقفات قادمة بإذن الله . يقول اللي تذكر وافتكر وأفكر وحط وشال يماشي وقته الحاضر وحال الوقت منحاله إلى درت النظر بافكار فكرك ياوسيع البال ترى دنياك يا مغرور ختاله ومياله كثير الناس ضاعوا واطبعوا في غبة الأحوال نسينا موقف كل يوافق صفحة أعماله أحد يخسر وأحد يربح يفوز بصالح الأعمال وراع الخير في خيره وراع الشر في فاله ولا تغتر في دنيا غرور فيَّها زوَّال هني اللي بربه يلتجي بحماه وظلاله توكل واعتصم بالواحد اللي يعلم الأحوال يفرج عنك كربات الدهر لي مال مياله طريق الحق بين واضح ما في الدروب اشكال على النقا ياللي تختل الناس بختاله والقصيدة أطول من هذا لكن نكتفي بما تيسر منها فقد وصل مقصد الشاعر بكل وضوح وما أحسن ما عبر عنه بالنسبة لهذه الحياة القصيرة الفانية.