ولد الشاعر محمد بن علي الصعب في بلدة الغاط بمنطقة سدير عام 1333ه وعاش منذ ولادته في تلك البلدة التي نشأ فيها وتعلم فيها القراءة والكتابة على يد والده.. لازم والده في تنقلاته وأسفاره وتعلم منه الكثير في حياته واهتم بمجالس الكبار في بلدته وخصوصاً الشعراء.. بدأ الشعر وهو في سن مبكرة لاسيما وأن والده شاعر وله العديد من القصائد الجميلة والمبدعة.. وشاعرنا ينحدر من أسرة معظم أفرادها شعراء، ولعل لنشأته تلك أثرها البالغ في كونه أصبح شاعراً فذاً، يحرص دائماً على عدم نشر قصائده.. يمتاز شعره بقوة اللفظ ودقة المعنى، وقصائده متعددة الأغراض، إلا أنه أبدع في قصائد الحكمة والوصف، كما أن قصائده تمتاز أيضاً بجزالة المعنى ودقة التصوير. ولعلنا نجد الوقت لابراز مساجلاته مع العديد من الشعراء ومنهم الأمير محمد السديري وخالد بن أحمد السديري رحمهما الله. ومن قصائده: من عافنا عفناه لو كان غالي ولا نهوجس به بكل الوسيله ان كان هو مجزل ويبغى بدالي أقول رح وخلها لك فشيله اقول رح وخلني في مجالي خلك على رايك عساها سهيله المقفي أقفي عنه في كل حالي وأصافي المقبل ولا أرضى بديله انتي حياة لي من أول وتالي روفي بحالي يا عنود الجميله شوفك يسليني وينساح بالي وغيرك من الخفرات ما نرعوي له الى تهنفل بالدلع والجمالي مثل العنود... أبو عيون كحيلة ويتكرر الوصف الأخاذ في القصيدة عندما يقول: ربن في طور تهلك هو خماهن خذن قلبي قليلات الرحامي ان هوجاس الصعب يأتي في الحب والبعد في القرب والقطيعة وهي مترادفات تشعل في الشاعر قصيدة يرتاح حين يرى خلّه ويغضب ويهيم حينما يبتعد عنه فاسمع له حين يقول: من عافنا عفناه لو كان غالي ولا نهوجس به بكل الوسيلة وقوله أيضاً: شوفك يسليني وينساح بالي وغيرك من الخفرات مانرعوي له الى تهنفل بالدلع والجمالي مثل العنود.. أبوعيون كحيلة اذن قد ينتاب الشاعر وسواس الشعر حتى وان كان بقربه قريبه ووليفه أو تساوره (الهواجيس) في حين غيابه وهي طبيعة الشعراء في أكثر أوقاتهم. ومن قصيدة المرقب العالي حيث يناجي الكون والطير في فقد عزيز القلب ورحيله عنه، واستعاذه من مواليه وحساده وباديتها الا يا رجل عدي له طويل المرقب العالي تعلي بالرفاع اللي مطل يك على داره إلى أن يدعو ربه من الحساد قائلاً: ألا يالعين لدي له وشوفي زين الاقبالي عسى ربي يفكه من حسود الخلق واشراره ولقد اجاد في القافية والوزن وكلاسيكية المعنى انظره حينما يقول في هذه القصيدة: أعزي القلب عزي له إلى ما ادرك هوى بالي سهير الليل ما امرحته وقلبي يبيح اسراره وقوله: عديم الجنس في جيله حليه ضي الاسهالي يواعدني ولا يوفي ويعطى جملة اعذاره ومن قصيده: «كاسبين النواميس» البارحة دكت عليّ الهواجيس من كثر ما هاجت عليّ الهمومي والقلب كنه فوق حامي المحاميس وأصبحت كني بالعظام محمومي على ربوعي كاسبين النواميس ربعي وأنا من طيبين السلومي راحوا بعز مبعدين المراميس عاداتهم بالجود تقضي لزومي ياليت ولو ياليت سلم المفاليس عصر مضى يرجع لحي يدومي وين أنت ياللي لك على الجود تأسيس ضاري على كسب المراجل جزومي وعندما تدلهم بالصعب الحياة ومواقفها وتقلبه رياح الأمور وتصعب يتذكر قومه وربعه وأهله وعشيرته حين اغترابه ومالهم من نواميس وعادات جميلة قضاها معهم وهذا ما نلحظه في قصيدته الرائعة كاسبين النواميس: البارحة دكت علي الهواجيس من كثر ما هاجت عليّ الهمومي والقلب كنه فوق حامي المحاميس واصبحت كني بالعظام محمومي وهو تصوير بليغ حينما تكثر هموم الشخص ويدور فكره ويغلي الغضب قلبه كأنه البن في وسط محماس: على ربوعي كاسبين النواميس ربعي وأنا من طيبين السلومي وتكثر لفظة الجود والمراجل والعادات الحسنة وفيها: وين انت يا اللي على الجود تأسيس ضاري على كسب المراجل جزومي وهي قصيدة نقدية اجتماعية رائعة تستحق النشر لفائدتها وجزالتها وإلى حلقة قادمة.