ينظر كثير من متابعي السينما باستخفاف لأفلام هوليود بسبب استخدامها المكثف للمؤثرات البصرية، ويعتبرونها لذلك مصطنعة وغير حقيقية، عكس الأفلام الأوروبية التي تنضح بساطة وعمقاً وواقعية. وهذه النظرة صائبة وخاطئة في الآن نفسه، فالسينما الهوليودية غارقة فعلاً في بحر التقنية تنهل منه المؤثرات والألوان لكن ذلك لا يعني ابتعادها عن الصدق، والواقعية، بل إنها وبفضل المؤثرات باتت أقرب إلى الواقعية من أي سينما أخرى!. كيف ذلك؟. إن الغرض الأساسي من المؤثرات هو تحقيق مبدأ "المحاكاة" بالمعنى الأرسطي الجمالي، أي محاكاة الحالة الواقعية للأحداث وإعادة تجسيدها بدقة كما لو كانت حقيقية. والمحاكاة في حد ذاتها تملك جمالها الخاص الذي يؤثر في النفوس حتى وإن كانت مجرد تقليد حرفيّ للأصل. ولعل هذا ما يفسر إعجابنا بالرسّام الذي ينقش صورة الوجه الإنساني على لوحته رغم أنه لم يفعل سوى رسم الوجه كما هو ولم يضف له حساً إبداعياً جديداً. إن ما تفعله المؤثرات في السينما هو محاولة تطبيق "المحاكاة" بأقصى درجاتها، خاصة مع الأفلام التي تتناول أحداثاً كبيرة يصعب التقاطها المباشر من الواقع اليومي، مثل الكوارث الطبيعية، أو تلك التي تجري في عوالم أخرى متخيلة. فإذا أردتَ أن تصوّر مشهد سقوط طائرة مثل ما فعل فيلم Knowing، أو أن تصوّر كارثة دمار العالم في 2012، أو تتابع الحياة في كوكب بنادورا مع شعب النافي وجنود الآفاتار، فأنت في كل هذه الحالات تحتاج إلى المؤثرات؛ ومن دونها لن تستطيع الحصول على صورة حقيقية لتلك الكوارث والعوالم المتخيلة. وهنا سيبرز لنا تناقض في قولنا "تصوير واقعي لعالم متخيل" فكيف يجتمع الواقع بالخيال؟. وحلاً لهذا الإشكال فلنستبدل كلمة "الواقع" ب"وهم الحقيقة" ونقول إن وظيفة المؤثرات الخاصة هي تكثيف الإحساس بحقيقة الحدث أو العالم الذي يصوّره الفيلم، إنها توهمنا بأن ما نراه هو الحقيقة ذاتها، فإذا التزمتْ بهذا الهدف كان حضورها فعالاً من الناحية الجمالية ويصبح وجودها في أفلام هوليود ميزة تحسب لها، أما إذا مالت للاستعراض –كما في سلسلة حرب النجوم وستار تريك- فإنها تحوّل الفيلم إلى كتلة مشوهةٍ غارقة في التصنع.