سئل ولي أمر طالب في الصف الثاني الابتدائي ابنه عن نوعية الفعاليات التي قدمت له هذا الأسبوع في مدرسته، بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني فأجابه الطفل أباه بأن مسرح مدرسته المتواضع قدم عرضاً لزملائه في الصف السادس تضمن شقاوة تمثيلية ومحاضرة وأناشيد طيلة ثلاثة حصص، فعاد والده وقال له: ماذا استفدت يابني من ذلك، فقال منفعلاً لاشئ فقط أضاعوا حصة التربية البدنية!. هذه القصة الواقعية تعد انطلاقة لوضع اليد على مكمن انعدام ثقافة الاحتفائية باليوم الوطني بالشكل المطلوب لدى مجتمعنا، وخاصة فئة طلاب التعليم العام والتعليم العالي، ودلالة ذلك ماحدث في احتفالات العامين الماضي والحالي من قيام أعداد كبيرة من المراهقين بأحداث مؤسفة حولت إحاسيس البعض بالخوف والهلع والانطباع السلبي نحو هذا اليوم التاريخي الذي توحدت فيه أمة سعودية على كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا تزال بعض هيئات التحقيق والادعاء العام هذا الأسبوع الجاري تنظر في قضايا بعض الشباب الموقوف نظير التصرفات الصبانية والمؤذية إبان ذكرى اليوم الوطني الثمانين. «الرياض» في هذا الطرح تستحضر إرهاصات علاجية لإعطاء هذا اليوم التاريخي حقه الموائم لما وصلت إليه مملكة الإنجاز والإعجاز في ظل سنوات قلائل، علنا نسهم ولو باليسير في طرح أفكار ترتقي بثقافة احتفائيتنا بوطننا الغالي. ملامح الاحتفائية الحكومية تفاوتت عملية الاحتفال باليوم الوطني الثمانون لبلادنا العزيزة من جهة حكومية إلى أخرى فمنهم من استعد مبكراً لذلك بشكل منظم ومقبول، ومنهم من قدمة كيفما اتفق فقط من باب المشاركة من دون وعي بخطورة إهمال ذلك على مستقبل الوطن وأبنائه، مع أن الأمر يحتاج إلى جل الاهتمام وصادق التنفيذ مع الأخذ بالاعتبار التام أن كل من يعيش على أرض هذا الوطن على استعداد تام للتضحية في سبيل استمرار عزة ورفاهية وطننا العظيم، فيجب أن يستوعب المعنيون على الاحتفالات في كل مكان بأن لا سبيل للاجتهاد غير المنظم لمواكبة الحدث الهام حتى لا تشوه الصورة البهيجة في نفوس عامة الناس. ..وشبان يحتفلون بطريقتهم الخاصة دون وعي أو توجيه ما المطلوب إذا؟ البداية المنطقية من المدرسة، حيث المؤمل من وزارة التربية والتعليم أن تقدم برامج علمية مخططة، تتناسب مع اختلاف الفئات العمرية للطلبة، فلا يعقل أن يترك التخطيط لرائد النشاط الثقافي في المدرسة - مع فائق التقدير والاحترام - بينما المسألة تستوجب برامج موحدة ومجدولة تحقق روح الانتماء الوطني وتغرس روح المواطنة الصالحة في نفوس عماد المستقبل وحماة الوطن، والوزارة قادرة على تحقيق المعادلة التربوية المنهجية حيال ذلك. الهيئة الوطنية لذكرى التوحيد هل سيجلب لنا المستقبل القريب إنشاء هيئة وطنية تعني بالتخطيط والتنظيم والإشراف على الاحتفال بذكرى التوحيد الوطني للممكلة العربية السعودية، على مدار ثلاثة أيام - على سبيل الاقتراح -، تنهض فيه وتكاتف أطياف المجتمع ومؤسساته لاحتفائية كبرى تفعل خلاله الكثير من البرامج الفاعلة والمثمرة لترسيخ مفاهيم العمل المشترك لتنمية الوطن وجعله الهم الأول بلا منازع، وإن لم يتحقق حلم إنشاء هذه الهيئة فعلى الأقل لماذا لا تقوم كافة الوزارات بالإعداد لبرامج تتنافس فيها على جودة ما صنعته وابتكرته من فعاليات ذات صدى إيجابي يسهم في تحقيق الهدف، كما يجب في أماكن محددة وملائمة للحدث الكبير للوطن الكبير، إضافة إلى أهمية دور القطاع الخاص في المشاركة ببنائها مثلاً على سبيل وحدات سكنية ومستشفيات ومدارس تدشن في ذكرى اليوم الوطني؛ لنشعر كمواطنين أن الجهات الخاصة بالفعل ترد الدين لبلادنا التي وفرت لها مسارات وفتحت لها آفاق زيادة ثرواتها ومكاسبها المتزايدة. إشراف إمارات مناطق المملكة يبقى هنا فقط دور الإشراف والمتابعة لإمارات مناطق المملكة للرصد والدراسة من أجل التطوير والتعديل للأحسن في قادم السنوات، وبذلك نعتقد - بإذن الله - بأننا سترتقي لدينا ثقافة الاحتفاء الوطني على كافة الاصعدة الفكرية وسنخلق أجواء آمنة تتمنى استمرار احتفالات يومنا الوطني المجيد على مدار العام، فهل سيتحقق هذا الحلم يا وطني الحبيب؟.