أغلب التعليقات التي تلت طرد مذيع شبكة السي إن إن ريك سانشيز كانت معارضة وساخطة وبعضها أتى متهكماً. ولكنها في الواقع غير مصيبة. قرار السي إن إن بطرد سانشيز وعلى عكس الصحافية أكوتافيا نصر، كان العمل الصائب. سي إن إن لم تعلن السبب وراء فصل سانشيز ولكنه وفر لها السبب المقنع، لم يكن كما قيل انتقاده للمذيع جون ستيوارت ووصفه بالمتعصب هو السبب الذي يمكن تستند عليه، الإعلام الأمريكي مملئ بالنقد والتهكم والسخرية المتبادلة بين الصحافيين والمعلقين. ولكن السبب اتهامه الصريح للشبكة التي يعمل بها بأنها تدار من قبل شخصيات يهودية متعصبة مثل جون ستيوارت. عندما تتهم المحطة التي تعمل بها بمثل هذا الاتهامات فإن أول قرار تتوقعه هو الفصل. إذا كنت لا تتفق مع سياسة الصحيفة أو المحطة التي تعمل بها فمن المفترض أن تتركها، ولكن اتهامها وأنت أحد العاملين لديها بالتآمر فإن أبسط شيء تقوم به الجهة الإعلامية هو إبعادك. وربما هذا ما كان يريده سانشيز الذي كان يتكلم باندفاع واهتياج ومن دون أدلة بطريقة توحي أنه لا ينوي فعلاً الاستمرار. ريك سانشيز ولكن اتهام سانشيز لجون ستيوارت بالتعصب غير صحيح أيضاً، في الحوار طلب المذيع من سانشيز أن يأتي بوقائع تؤكد اتهامه لستيورات بالتعصب، ولكن سانشيز اكتفى بحديث شخصي عن ستيورات متطرقاً إلى حياته العائلية ومردداً أكثر من مرة كلمة المتعصب التي سحبها بعد إصرار المذيع الذي لم يقتنع بما يقوله. ولكن هل صحيح أن ستيوارت متعصب لليهود كما عبر سانشيز، وكما رددتها العديد من وسائل الإعلام العربية ووكالات الأنباء؟!. سانشيز عجز عن إيجاد أي دليل، ولكن في الواقع هناك العديد من الأدلة المعاكسة التي تثبت دفاعه عن الحرية الدينية والحرية الإعلامية، أي: الأدلة التي تنفي تعصبه تماماً. فيما يخصنا نحن المسلمين ستيوارت كان أكثر المدافعين عن بناء مسجد نيويورك في غراند زيرو، بالرغم من حساسية الموضوع إلا أنه بجانب ستيف كولبيرت الذي وصفه سانشيز بالتعصب أيضاً، وكريس ماثيوز، الذي قدم اعتذاراً للمسلمين نيابه عن العبارات المتطرفة التي صدرت بحقهم، خصص وقتاً كبيراً من برنامجه في الدفاع عن حق المسلمين في بناء المسجد. الدليل الثاني أن ستيوارت انتقد آراء السياسيين في الانحياز للجانب الإسرئيلي في الصراع مع الفلسطينيين، ساخراً من تعليقاتهم التي تتحدث عن تعقيد الصراع، ولكنها تنحاز إلى الجانب الإسرائيلي. بالطبع ستيوارت ساخر ومتهكم وينتقد الجميع، وقد قال في إحدى المقابلات إنه لا يستطيع أن يضع حدوداً يقف عندها؛ لأن كل شخص له حدوده الخاصة. ستيوارت الذي يدافع عن الحرية ليس متعصباً كما يقول سانشيز الذي ارتكب خطأ بأن بث أحقاده الشخصية ومراراته، وربما غيرته المهنية من نجاح ستيوارت الواسع على الهواء مباشرة، في الوقت الذي يكتمها الصحافيون الآخرون في صدورهم.