أكد وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن المرأة تترافع أمام القضاء من سنين طويلة، فكانت وكيلة عن نفسها وعن غيرها بوكالات شرعية صادرة عن كتابات العدل منذ أمد، وقال إننا تفاجأنا من حجم هذه الوكالات عددا. وأضاف بأنه ليس هناك مانع شرعي ولا نظامي في الجملة من أن تتولى المرأة مهنة المحاماة ما دامت في إطار ضوابطها الشرعية، وقال إن المرأة لم تحام فقط، بل زادت بالجدل في قضيتها الفردية أمام النبي صلى الله عليه وسلم في حوار نزل به وحي كريم، كما شكت زوجها أمامه صلى الله عليه وسلم مطالبة بنفقتها ونفقة بنيها. جاء ذلك في كلمته الافتتاحية أثناء تدشين اللقاء الحقوقي الوطني الثاني الذي استضافته ونظمته لجنة المحامين بغرفة جدة يوم أمس. وعقب العيسى بأن منحها الترخيص يتطلب معالجة لا تمثل عقبة نظامية، لكن تمثل أهمية إيجاد فترة انتقالية في تطبيق بعض مواد نظام المحاماة في منح ترخيص الممارسة للمرأة، وهو ما تسعى إليه الوزارة. وقال الوزير: إن الوزارة معنية بدعم هذه المناشط، كما أنها تسعد برعايتها، ضمن واجباتها العدلية، وأن نشر الوعي الحقوقي عنصر مهم ويتعين في بعض قضاياه ومسائله أن يأخذ وضعا أشمل من قصره على إطاره المهني، وأكد على أن مهنة المحاماة في المملكة خطت خطوات حثيثة نحو مفاهيم ذات صدارة وذلك في وقت قياسي. العيسى يكرم المشاركين واستطرد العيسى: بأن ملمح البناء الذاتي في تكوين المحامي السعودي كفرد والمحاماة كمؤسسة كان فصلا مهما في المنعطف الإيجابي لهذه المهنة التي لا تقاس سنوات قيامها كبناء مؤسسي بأي دولة أخرى، ومع ذلك استطاع المحامي السعودي أن يبرهن على قدراته وجدارته من خلال عطائه المهني المتميز. وحول تخصيص أماكن للمحامين في المباني القضائية الجديدة قال بأن هذا مأخوذ في الاعتبار، وستشهد دور العدالة بمشيئة الله إبراز أهمية هذه المهنة ومكانتها في المنظور العدلي، وهي في الحقيقة جزء مهم من كيانه لا ينفصل عنه. وأكد أن المحاماة هي القضاء الواقف، وفي طليعة أعوانه، وأن المحامين شركاؤنا في تحقيق العدالة، والمحامي السعودي يعتبر الأمثل والأفضل عالمياً في قيمه المهنية ولاسيما في الامتثال لواجباته النظامية وميثاق المهنة العرفي، فضلاً عن آداب الإسلام وسمته الرفيع. وقال بأن الحالات النادرة قدر مضت به سنة الله في خلقه ولا قياس عليها، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث، وأكد أن المحاماة يجب أن تكون عنواناً للشرف والنزاهة، وأن المحاماة مهنة شريفة، وظيفتها حماية الحقوق، ووسيلتها الكلمة الصادقة، وسندها الشريعة والنظام. عدد من الحقوقيات يشاركن في اللقاء وحول حصانة المحامي، قال الوزير بأن مبدأ الحصانة لا تعرفه القوانين إلا في أضيق نطاق، حتى الحصانة القضائية إنما هي في واقع الحال ضمانات الحياد والاستقلال ورعاية هيبة وشرف المهنة في ترتيبات معينة تتخذ عند الاقتضاء، ولم يتضمن النظام النص على مفردة: "الحصانة"، والمنظم لم يفته ذلك بل ضرب عنه صفحاً قصداً كما ضربت عنه قوانين السلطة القضائية النظيرة في العديد من دول العالم المتحضرة ، لكن تحقق مفهوم الحصانة من المعنى والسياق في مواد معينة رسخت مبادئ الاستقلال وعدم التأثير على القضاء والقضاة والحفاوة بشرف المهنة. وقال بأن التوسع في هذه المفردة أخذ سياقاً غير مُقر في الدراسات الحقوقية المتعمقة، وقال لا أعتقد أن مختصاً سواء في القانون الإداري أو القانون الدستوري يستخدم هذه الكلمة وفق توسعها الحالي الذي أخذ طابعاً إعلامياً عاماً تداولته الألسنة والأقلام ولا سند له من الرصيد الحقوقي عند التحقق والتأمل، وقال: عندما أرجع في هذا إلى القانون الإداري والقانون الدستوري لأن هذه المفردة التي تستخدم على نطاق واسع، وأحياناً بأقلام تنتسب للفقه الشرعي لا وجود لها في سياقها ولفظها المعاصر في أيٍّ من إرثنا الشرعي، ولم يتحدث عنها إلا القانونيون ليس كمفردة مجردة إنما بدلالاتها القانونية وفق وضعها الصحيح، وإن كانت ضماناتها وفق إطار معين لا مطلق على نحو ما ذكرته قبل قليل تدل له نصوص الشريعة التي لم تترك مصلحة إلا ودلت عليها، ولا مفسدة إلا وحذرت منها، والشريعة لا تعفي أحداً ولا تحصنه من العقوبة الدنيوية تحت أي ظرف متى لزمته شرعاً، ولا يمنع هذا من ترتيب أسلوب المحاسبة بما يليق بسمعة العمل المهني، لكن لا بد من نفاذها. وتابع الوزير قائلاً: يكفي أن القاضي والمحامي السعودي يتمتعان بالحصانة الحقيقية وهي حصانة الشريعة التي يتشرف كل منهما باعتناقها والعمل بها. وأضاف بأنه إذا كانت الحصانة هي الحياد والاستقلال ورعاية شرف المهنة القضائية في التعامل معها من قبل الجميع، وخاصة الأجهزة التنفيذية، فهي موجودة في أعلى درجاتها وتسندها أحكام النظام، ولا مشاحة في الاصطلاح. وتابع الوزير بأن قضاء المملكة يمثل الحياد والنزاهة والشرف في أبهى الصور وأصدق المشاهد، وأن هذا لا يستغرب فالقاضي السعودي يحمل مؤهلاً شرعياً، ونشأ في محاضن العفة والنزاهة والطهر والسمت الرفيع، كما هي أخلاقنا الإسلامية، وقد تضلع القاضي طيلة مراحل دراسته المتخصصة بمعين الشريعة وهديها الكريم، وتوشح بجلالها وسمتها وتفاعل معها علماً وسلوكاً وعملاً.