بمناسبة الذكرى ال61 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، يطيب لي أن أعرب باسمي شخصيا وباسم جميع أعضاء سفارة الصين لدى المملكة عن التهاني الحارة والتمنيات الخالصة إلى المواطنين الصينيين والجالية الصينية الذين يدرسون ويعملون ويعيشون في المملكة، ويصادف العام الجاري الذكرى ال20 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة، فيسعدني أن أتقدم بخالص التهاني وأحر التشكرات إلى قيادة المملكة وشعبها وجميع الأصدقاء من مختلف أوساط المجتمع السعودي الذين يهتمون ويؤيدون تطور العلاقات بين الصين والمملكة. خلال ال61 سنة الماضية، أحرزت الصين انجازات مرموقة في تنمية الاقتصاد الوطني وتطوير علاقات الصداقة مع دول العالم. إذ أن نمو اقتصاد الصين شهد قفزاً تاريخياً، وبلغ حجم الواردات والصادرات الصينية في النصف الأول لعام 2010م 1354.8 مليار دولار أمريكي، حيث يحتل المركز الثالث في العالم؛ وبلغ احتياطي الصين للعملة الصعبة أكثر من 2.4 تريليون دولار أمريكي، حيث يحتل المرتبة الأولى في العالم. يتكامل النظام التعليمي وغطى التعليم الإلزامي المجاني جميع المدن والقرى، وأصبحت الصين أكبر دولة من ناحية حجم التعليم العالي وعدد الطلاب في مراحل التعليم الابتدائية والثانوية والعالية ومنح دكتوراه. وأسست الصين بشكل مبدئي نظام الضمان الاجتماعي الذي يغطي جميع مواطنيها من المدن والقرى، وتتكامل الخدمة الصحية العامة ونظام الرعاية الطبية الأساسية باستمرار، وحتى نهاية العام 2009م، بلغ عدد المواطنين من المدن والقرى الذين يغطيهم من المدن والقرى الذين يغطيهم التأمين الطبي 1.2 مليار نسمة. وان معرض أكسبو العالمي لعام 2010م الذي يقام حالياً في مدينمة شانغهاي الصينية يعرض للعالم صورة الصين المتناغمة والمتسامحة والمزدهرة والمتقدمة. وتتمسك الصين بانتهاج السياسة الخارجية السلمية والمستقلة، وتم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وأكثر من 170 دولة في العالم على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي. وتشارك الصين بنشاط في الشؤون الدولية المتعددة الأطراف وتتحمل المسؤولية الدولية الملائمة، حيث شاركت في أكثر من 100 منظمة دولية عبر الحكومات ووقعت على أكثر من 300 معاهدة دولية حتى الآن، وأوفدت الصين أكبر عدد من أفراد حفظ السلام من بين الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة. وتلعب الصين دوراً متزايد الأهمية في التعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية الكبرى بما فيها الأزمة المالية الدولية وتغير المناخ والأمن الغذائي وأمن الصحة العامة ومكافحة الارهاب. والرغم من الانجازات المحققة المذكورة أعلاه، يجب أن نلاحظ أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الصيني مازال يبقى فيما بعد المرتبة ال100 في العالم، ووفقاً لمعايير الأممالمتحدة، لايزال يوجد في الصين 150 مليون نسمة من محدودي الدخل، وظاهرة عدم التوازن في هيكل القطاعات الانتاجية وفي التنمية بين المدن والقرى وبين المناطق المختلفة مازالت بارزة جداً، عليه، فإن الصين لاتزال بل ستبقى دولة نامية للفترة الطويلة مستقبلاً. وقبل الأيام، احتفلت المملكة بالذكرى ال80 لتأسيس الدولة. ومنذ 80 عاماً، حققت المملكة العربية السعودية الانجازات الباهرة في مختلف المجالات، ولاسيما في السنوات الأخيرة، بفضل القيادات الحكيمة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، يسود المملكة الاستقرار الاجتماعي، ويتمتع شعبها بالحياة السعيدة. واستفادت المملكة من عائدات النفط الغنية لتنفيذ عدد كبير من مشاريع البنية التحتية، الأمر الذي عاد بمزيد من الخير على الشعب، ودخلت المملكة إلى الجولة الجديدة من الطفرة الاقتصادية، ونجحت في مقاومة تداعيات الأزمة المالية الدولية وحافظت على النمو المستقر لاقتصادها الوطني. كما قطعت المملكة شوطاً بعيداً في قضية التعليم. ومن الملحوظ أنه يتزامن مع تنفيذ الخطة الخمسية التاسعة للمملكة في هذه السنة، تم تبني الخطة الخمسية الأولى الموسعة للعلوم والتقنية والابتكار، الذي سيساهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية والنهضة للمملكة. كما تعمل المملكة بنشاط على حفظ السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ودفع ايجاد حلول منصفة للمشاكل الاقليمية، والدعوة إلى الحوار بين الأمم والأديان، مما نالت تقديراً واسعاً من المجتمع الدولي، ويتزايد وزنها ومكانتها الدوليان باستمرار. وإننا على الثقة التامة بأن مستقبل المملكة سيكون أجمل تحت القيادة الحكيمة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. تعتبر العلاقات الصينية السعودية نموذجاً يقتدى به في العلاقات بين الصين والدول العربية، إذ شهدت علاقات الصداقة الاستراتيجية بين البلدين تطوراً سريعاً على مدى 20 عاماً مضت على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث تتكثف الزيارات المتبادلة على المستوى الرفيع، وتتعمق الثقة السياسية المتبادلة باستمرار. زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الصين عام 1998م يوم كان وليا العهد، وفي عام 2006، زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الصين في أول جولته الخارجية بعد توليه للسلطة في المملكة، وزار فخامة رئيس الصين هو جينتاو المملكة مرتين في عامي 2006 و2009. وفي يونيو عام 2008م، زار نائب رئيس الصين شي جينبينغ المملكة. وفي عام 2010 زار معالي وزير الخارجية الصيني السيد يانغ جيتشي ومعالي وزير التجارة الصيني السيد تشن دهمينغ المملكة، وفي مايو الماضي زار صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود وزير الخارجية السعودي الصين وشارك في الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقد في الصين. كما تم تبادل بعث برقيات التهاني بين قيادتي البلدين بمناسبة الذكرى ال20 لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة في هذه السنة. في عام 2009، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والمملكة 32.6 مليار دولار أمريكي، وتبقى المملكة أكبر شريك تجاري للصين في غربي آسيا وأفريقيا للسنوات ال9 المتتالية. وبلغ حجم التبادل التجاري في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي 16.32 مليار دولار أمريكي، بزيادة 59.5٪ من نفس الفترة في العام الماضي. وفي عام 2009 استوردت الصين من المملكة 41.95 مليون طن من النفط الخام، ومن المتوقع ان يبلغ 50 مليون طن حتى نهاية العام الجاري. وأحرز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والاتصالات والاستثمارات وبناء مشروعات البنية التحتية تقدماً جديداً متواصلاً، ويتعزز التعاون والتبادل أكثر فأكثر في مجالات التعليم والثقافة والرياضة والإعلام والشباب وغيرها من المجالات. وأقامت المملكة «الأسبوع الثقافي السعودي» في الصين في شهر يوليو الماضي، وفي شهر سبتمبر الماضي زار وفد الشباب السعودي إلى الصين برئاسة سعادة السفير الدكتور يوسف بن طراد السعدون وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون الاقتصادية والثقافية لاجراء الفعاليات التبادلية مع الشباب الصيني في اطار منتدى الشباب الصيني والسعودي. في الوقت الراهن، تعيش كل من الصين والمملكة أحسن مرحلة من التطور وتمر العلاقات الصينية السعودية بأحسن مرحلة من التطور في التاريخ. وتحدوني الثقة بأنه بفضل الجهود المشتركة من قبل الجانبين، ستتقدم علاقات الصداقة الاستراتيجية بين الصين والمملكة إلى مستوى جديد باستمرار، وستعود بمزيد من الخير على شعبي البلدين. * السفير الصيني لدى المملكة