هذه الأيام وللأسف يحاول البعض أن يؤثر على مشاعر ونفسيات المواطنين العاطلين عن العمل من خلال تضخيم مشكلة البطالة في السعودية لا من اجل وضع الحلول المناسبة والتوعية، وإنما من خلال قراءة الأرقام بصوره خاطئة على سبيل المثال عندما أوضحت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إن إجمالي عدد المقيمين بلغ 8.429.401 فرد في 2010م، بل إن البعض يتوقع إن الرقم اكبر بكثير من هذا دون معرفة حجم الطلب في المقابل. إن الأمانة العلمية تتطلب أن يكون المتحدث صادقا وعارفا لما يتحدث عنه عندما يكون الأمر يتعلق بقضية كبيرة تمس الأفراد العاطلين والاستقرار الاقتصادي وما قد يولد من كراهية بين المواطن والعامل الوافد. إن تأجيج مشاعر المواطنين لا يخدم المصلحة العامة ولا يوظف السعوديين. هل تعرفون كيف تم استغلال هذا الرقم؟ لاحظ أن الرقم يقول فرد وليس عاملا أي انه يشمل جميع المقيمين وعائلاتهم وهذه التركيبة مزيج من العاملات والسائقين الخاصين وكما ذكرت في مقال سابق انه يوجد في الولاياتالمتحدة أكثر من 14 مليون عامل أجنبي ولديها بطالة تفوق 9.6% ولم تدعِ أن سببها هو تلك العمالة وإنما عوامل اقتصادية. إنه بمجرد تعيين الوزير الجديد إلا وانهالت عليه التلقينات والاقتراحات التي لأساس لها وكأنه لا يفقه شيئا من أمره أو انه سوف يبني قراراته على هذا الكلام العاطفي غير المنتج. أن الوزير لديه من الخبرة والإمكانيات التي تمكنه من بناء قراراته على الحقائق وما يترتب عليها من نتائج ايجابية، فموقفه سوف يكون حياديا لخدمة جميع الأطراف ولكن سوف تكون عينيه على دعم الاقتصاد السعودية واستقراره وليس الإخلال به، وهو يعرف أن النمو الاقتصادي هو الذي يخلق الوظائف للسعوديين. علينا ألا نخدع الشباب السعودي الذي يريد أن يعمل بل علينا أن ندعمه ونوجهه فمعظم هؤلاء من الشباب مازالوا في بداية مشوارهم وقراراتهم ما زالت متقلبة وطموحاتهم مازالت مرتفعة ولا تعكس واقع الأعمال وصعوبة الحياة. علينا أن نقول لهم القطاع الخاص يبحث عن الربحية البحتة ويساهم في إجمالي الناتج المحلي الذي يؤدي ارتفاعه إلى النمو والتوسع وخلق وظائف جديدة. دعونا نشجعهم على المنافسة في سوق العمل من خلال صقل المهارات والتفاني في الانضباط وأداء العمل ورفع الإنتاجية ولو حتى بأجور منافسة قريبة من أجور الوافدين، هذا سوف تكون إثارة في المدى المتوسط أقل من قناعة العامل ولكن في المدى الطويل سوف يحصل السعودي على استحقاقه طبقا للقيمة المضافة إلى منشأته. هل تعرفون أن بلدا مثل السويد وعدد سكانه 9 ملايين نسمة تقريبا يبلغ متوسط معدل البطالة فيه 5.7% وبين الشباب من عمر 16-24 سنة بلغت 12.5%، وهذا نتيجة لارتفاع الأجور الاولية وأنظمة العمل المتشددة مما جعل أصحاب العمل يشعرون أنهم يتحملون مخاطرة كبيرة بتوظيف هؤلاء الأفراد الذين ليس لديهم خبرة أو تأهيل. وكان اقتراح الحكومة السويدية المزيد من التدريب والتأهيل لهؤلاء العاطلين. ألا نتعلم درسا من هذا البلد الصغير بان الأنظمة الصارمة التي تفرض على القطاع الخاص سوف تكون نتائجها سلبية. إني احذر من التشدد في القوانين والأنظمة والضغط على المنشآت الخاصة والتدخل في آليات السوق التي سوف تكون نتائجها كارثية ومنها تضخم الهايبر (Hyperinflation) المرتفع الذي قد يرفع الأسعار بأكثر من 50% ويصبح وضع المواطن في المستقبل أسوأ منه في الحاضر. إن اقتصادنا قريبا من هذا النوع من التضخم مع استمرار ارتفاع الإيجارات والتعرفة الكهربائية والآن تطبيق التأمين الصحي على السعوديين، وإذا ما تم ممارسة المزيد من الضغوط على القطاع الخاص بالتوظيف القسري فان العواقب قد تكون مفاجئة للكثير. * عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية * عضو الجمعية المالية الأمريكية