توحيد المملكة حدث لا يستطيع «الإنسان المنصف» إلاّ أن يقف إجلالاً وتقديراً لهذا القائد العظيم الذي وحّد هذا الكيان الكبير، واستطاع بحنكته وحكمته وبعد نظره أن يجنب دولته الفتية وأبناء شعبه ويلات الحروب وأطماع القوى الكبرى. وتاريخ الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه- منذ استعادة الرياض، وما تبع ذلك من فتوحات إلى أن اكتملت منظومة الوحدة، هو تاريخ يحكي إلى كل الأجيال، فرجل تمسك بشرع الله فنصره الله، وجعل القران الكريم والسنة النبوية المطهرة دستوراً فمكنه الله من خيرات الأرض، ووئد الفتنة والفرقة فجمع الله له الشتات في «وحدة وطن» قلّ مثيلها في العالم، وقائد ناصر قضايا أمته فهيأ الله له حضوراً عالمياً، وهيبة في نفوس أعدائه. وفي ذكرى اليوم الوطني نستعرض عدداً من الوثائق التاريخية المهمة، ونسلط الضوء فيها على حياة الملك عبدالعزيز فكراً ومنهجاً وعملاً؛ لاستخلاص العبر منها، لاسيما أن الأجيال الناشئة أحوج ما تكون إلى معرفة التضحيات التي قام بها مؤسس هذه الدولة، ونقطف ثمارها اليوم من الأمن والعدل ورغد العيش والاستقرار. الملك عبدالعزيز محذراً من يتجاسر على الإفتاء بغير علم ويطلق عبارات التكفير والتضليل جهالة بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى من يراه من المسلمين.... وفقهم الله لسلوك الصراط المستقيم وجنبهم طرق أهل الجحيم آمين. سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإن أوجب الواجبات على جميع المكلفين توحيد رب العالمين، وهو إفراد الله بالعبادة والبراءة من عبادة ما سواه واعتقاد أن كل معبود سوى الله باطل وأن من عبد غير الله فهو كافر. وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله وهو دين الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه. قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، ثم تفهمون أن الله سبحانه منّ علينا وعليكم بدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب, رحمه الله، وإظهاره لدين الإسلام وإيضاح ذلك بالأدلة والبراهين من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وقد بَلَغَنا عن أناس يدعون أنهم على طريقته (صلى الله عليه وسلم ) أموراً مخالفة لما هو عليه، وهي أنهم يتجاسرون على الإفتاء بغير علم ويطلقون التكفير والتضليل بغير علم، بل بالجهل ومخالفة الدليل، ويتناولون النصوص على غير تأويلها ويسعون في تفريق كلمة المسلمين ويتكلمون في حق من لم يساعفهم على ذلك من علماء المسلمين بما لا يليق. والأمور المكفرة لا تخفى على من عرف دين الإسلام فمن أعظم ذلك الشرك الأكبر نصب أوثان تعبد من دون الله والحكم حكمهم بالقوانين وترك تحكيم الكتاب المبين وإجراء الحريات واستحلال الخمور وغير ذلك مما يطول ذكره وهذا أمر بين لا يخفى على من له بصيرة فمن كان ثابتا عنده أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- مجدداً لهذا الدين الذي هو توحيد رب العالمين ومتابعة سيد المرسلين فهذه كتبه مشهورة فليعتمد على ذلك ونحن إن شاء الله أعوان له على ما يرضي الله ورسوله ومن كان عنده شك فليسأل الله الهداية ويطلب بيان ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ويسأل من يثق به من العلماء المحققين. إذا فهمتم ذلك فاعلموا هداكم الله أننا إن شاء الله بحول الله وقوته أنصار لمن دعا إلى ما دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- قائمون بما قام به أجدادنا الذين نصروه ومن خالف ذلك إما بتفريط أو إفراط فلا يلومن إلا نفسه وليعلم أننا قائمون عليه ومنفذون فيه ما يقتضيه الكتاب والسنة. والله الله لأؤدبه به أدبا يتأدب به الأولون والآخرون ومن أنذر فقد أعذر ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 1335ه (1916م) رسالة زوجة الملك عبدالعزيز..«قهوتنا مغبرة» بسم الله الرحمن الرحيم إلى جناب الأجل الأمجد الأفخم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل سلمه الله تعالى وأبقاه آمين، وبعد: متعنا الله بك. نزلنا البيت وصلنا من شلهوب ثلاث دلات وقهوتنا ما فيها شيء لازل ولا غيره، غير ما ذكرنا لك وقهوتنا مغبرة لنا من خرجنا الأول عشرة أصواع وقلة ولا هي بكافية. ولا هم مساوين فينا شيء وحنا علينا واجب عظيم وخليناها عند حمد إلى أن نراجع الشيوخ ما ودنا نكثر الإلحاح ونظرك فيه الكفاية. (وضحى والدة المرحوم تركي بن عبدالعزيز) * ترصد هذه الوثيقة مرحلة تاريخية مهمة في بدايات بناء هذه الدولة، فأحد بيوت المؤسس خالياً من بعض مؤنته (القهوة والتمر)، وهو حال كثير من البيوت التي كانت تعاني في ذلك الوقت، ويكشف من جانب آخر الوضع الاقتصادي للمملكة خلال مرحلة التوحيد، وما تعيشه اليوم من رخاء اقتصادي؛ ليدرك الجيل الحالي الفارق الكبير، وينعم في وطن يزهو بجزالة التنمية والتطوير. مساهمة شركة: «لا تخلو المصالح تروح لغيركم..» بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى جناب الأخ المكرم عبد العزيز بن مساعد وكافة جماعة أهل بريدة سلمهم الله تعالى آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام بعد ذلك: تدرون بحالتنا وأمور خارجنا وقل الوارد ولا هوب من فقر بلادنا بل هي أغنى من غيرها وإنما لعدم إخراج ما فيها من المصالح، ولا بد جاكم خبر اتفاقنا مع الشركة لأجل استخراج المعادن الغازية، والاستفادة من معادن ومصالح بلادنا المكنوزة، وسوف يبتدئ العمل بها قريبا إن شاء الله تعالى، فهذه الشركة خصصوا من حصصها مئة وعشرين ألف سهم نخرجها على رعايانا. والقصد أن تكون مصالحها للرعية أحسن وأن لا تكون للغير مع أن كلا من الأجانب يحب أخذ هذه الحصص حتى يدفعوا لنا زيادة على قيمتها المعينة، ولكن حنّا نحب أنها تكون لمصلحة الرعية، حيث أن مصالحها مع توفيق الله ما هي هينة ولا أحد يقيسها. فإذا سهل الله وجود معادن غاز أو نفط والكل لا شك موجود ومعروف، فالحصة التي قيمتها جنيه واحد ربما تبلغ الخمسين جنيهاً أو ربما تزيد والله أعلم. المقصود أن هذه الستين ألف حصة التي لأجل تخريجها على رعايانا وردت أوراقها مع وكيل الشركة في البحرين، وكل حصة قيمتها جنيه واحد وأنا مثل ما ذكرت لكم أود أن هذه الحصص تكون بيد الرعية ومصلحتها لها, وأنتم هنا تعطون البضايع تدرون بعض المصلحة لاسيما بما يحصل فيها من بعض.... أو ربما ....، الشركة أسهمها مثل ما ذكرت لكم مصالحها مع توفيق الله ما تحصّل في غيرها, وأوراقها خزن متى شاء الذي بيده باعها ولا بد فيكم ناس يعرفون كيف أحوال الشركات ومصالحها والحمد لله ما فيها شيء من أمور الحرام. عاد يكون معلومكم أنني أحب تجتمعون وتأخذون من هذه الأسهم كل على قدر رغبته فإذا عرفتم مقدار رغبة الواحد منكم سواء يأخذ سهماً أو عشرة أو عشرين أو مئة، وإذا اجتمع المجموع عندكم وعرفتموه فأرسلوه لمن تعتمدون عليه في البحرين وعرفوه يراجع وكيلنا القصيبي، ويروح معه إلى وكيل الشركة ويسلمون له المبلغ ويأخذون منه أوراق أسهم بمقدار المبلغ المستلم كل سهم عن جنيه واحد, ولكن احرصوا على هالأمر لا يفوتكم, تراه ما يحصل لكم فيما بعد, لا تخلو المصالح تروح لغيركم بادرونا بالجواب عن مقدار ما يجتمع عندكم من الجماعة حتى نكون على معلومية منه، ومثل ما عرفناكم أرسلوه لمن تحبون من أهل نجد في البحرين يدفعه لوكيل الشركة ويأخذ لكم به أوراق أسهم يرسلها إليكم، وأنتم تدرون أن لنا أصحاباً من العرب وكل منهم يطلب منا أن نعطيه من هذه الأسهم ولا جاوبنا أحداً عن ذلك نحب أنها تكون بيد الرعية ومصحتها لهم وننتظر ردكم؛ لمعرفة مقدار الذي تأخذون حتى نكون على معلومية من ذلك. ولكن بادرونا بالجواب حيث أن الوقت ضيق والعمل قريبا إن شاء الله يبتدئ هذا ما لزم تعريفه والسلام. 28/محرم/1342ه (1923م) تذكير شعبه بنعم الله..وجمع الزكاة ومساعدة المحتاجين بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى كافة أهل ... وفقنا الله وإياهم لما يحبه ويرضاه آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: تفهمون أن الله سبحانه أنعم بنعمة الإسلام وأتمها علينا كما قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، وكل الأمور توفرت والواجب علينا وعليكم تقييدها بالشكر؛ لأننا اليوم في محل الخوف كما قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وقال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وكما ترون عظم ما أعطانا الله من النعم, أعزنا بعد الذلة، وأغنانا بعد العيلة، وأمننا بعد الخوف، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى. ثم بعد ذلك ترون بعض الذنوب وإشارتاها فيما جرى عليكم من نقص المياه، والثمار، وشدة المؤنة، ولا شك أن الله واجد ماجد، وأن سبب هذه الذنوب إما في عدم شكر النعم، أو تقصير بالطاعة، أو عدم إظهار حقوق الله على الوجه المشروع، أو بخس المكيال والميزان، أو تغيير نية في شيء من الأعمال والذنوب وغير ذلك كثير. والواجب علينا وعليكم شكر الله ومراعاة أوامره والقيام بها واجتناب ما نهى عنه، ولا تحسبوا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه الكلام في المجالس أو التحدث في أعراض الناس، أو أن الإنسان يعيب الناس ولا يرى عيب نفسه. الواجب أن كل منصوب أو مأمور يجتهد فيما ولاه المسلمون عليه من نصح ومراعاة حقوق الله، والإنسان الذي أمره على نفسه يطالع عيب نفسه ويصلح الذي بينه وبين الله. ولا شك أن الخير مزرعة أبذر حباً وتنبت حبوب كثيرة, والذي ندين الله به النصح لكم إن شاء الله باطناً وظاهراً وحضكم على أوامر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمناصحة لولاة أموركم وفيما بينكم, ثم بعد ذلك نعرفكم من قبل الأمور التي تخرج منكم للولاية مثل زكاة التمر والعيش وزكاة العروض والجهاد، أما زكاة التمر والعيش أمرنا وكلاءنا يبقون الربع، وفي كل بلد يصير للضعفاء والمساكين على نظر القاضي يحط نواباً في كل بلد يفرقونه كلا على قَدْره في قائمة تعرض علينا، وثلاثة أرباع تولاها الولاية وتدبرها على ما أمر الله به. وزكاة العروض تفك كجاري العادة وتفرق على الضعفاء والمساكين جيزها جيز الربع. كذلك الجهاد لا يكون فضة ولا أمر على أحد دون أحد، إنما هو استنفار وكل يشاف بفعله؛ لأن الجهاد الأول يحصل فيه قيل وقال وعدم إنصاف, والحمد لله نحن لنا أسوة بمحمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وإذا ورد أمر الجهاد فيبادر أمر أهل الوطن ويواعدهم كل يغزو بنفسه أو ولده، والمسلمون ينظرون في الطيب من الردي ولا معذور أحد إلا من عذره الله, والقصد بذلك ثلاثة أمور: الأول: اتباع للشريعة إن شاء الله، والثاني: تباعد عن الظلم وأن لا أحد يقول أخذ مني غير الحق، والثالث: لا بد أن المسلمين تضطرهم الحاجة إلى مغزى في السنة مرة أو ثلاث وإذا دفع إنسان عشرة أريل عن نفسه قال أنا دفعت دراهم ولست بدافع مرتين, إن دفعت فأنا مظلوم, نحن نقول: لا أحد يدفع دراهم, كلّ يتوكل على الله ويجاهد بنفسه وهذا فرض عليه والذي ما يقدر على ذلك ينوب في مكانه من يسد, ويُشترط عليه أنه إذا أردناه أن يكون جاهزاً مرة أو مرتين أو ثلاثاً في السنة. وهذا أولاً: اتباع لكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وثانياً: قطع حجة للذي يقول كلمة حق يريد بها باطلاً. ثم بعد ذلك أحذركم من ثلاثة أمور: الأول: رداءة المطية التي تغزو لا أحد يروّح ذلولاً رديئة لا تنفع المسلمين، ولا يركب رجلٌ ما فيه خير، ضرره على المسلمين أكثر من نفعه، ولا ينقل سلاح رديء أو ليس فيه رصاص افهموا هذه الشروط وإذا أشكل عليكم شيء في هذه الأمور فاسألوا العلماء، واحتسبوا ما يُرضي الله في بذل النفس والمال، لا تنتحلوا أعذاراً أو تظنوا أن الأمر أطلق فيه أيديكم ولا فيه تبريق، بل نحن سنراجع وندقق النظر في الغزاة وفي الإنسان القاعد في البلد وهو متعين عليه الأمر ولا يقوم به مع المسلمين. وحالاً إن شاء الله تستعدون بأمر الجهاد كل يعد نفسه ولا ندري هل يصبحكم أو يمسيكم, ولا يكون الأمر؛ إذا ورد يصير فيه تأخير أو تعطيل؛ لأننا بالأول نعطيكم مهلة موجب أنه الأمر والآن أمركم بيديكم وتعرفون أن هذا أمر متعيّن فالإنسان القائم فيه رضى الله فأرجو أن الله يعينه ويخلف عليه، والإنسان فاعله حياء فأرجو الله أن يجعل عمله صالحا والإنسان الذي ليس خائفا الله ولا مستحيا، فيدري أن المسلمين ما هم حانيّنه وملزوم يعاتبونه على فعله وأنتم إن شاء الله تدبرون كتابي هذا وتعملون بما فيه وتستعينون بالله الأمير منكم وطالب العلم وباقي الرعية. نرجو من الله سبحانه أن يمن علينا وعليكم بالهدى والتوفيق وينصر دينه ويعلي كلمته ويجعلنا وإياكم من أنصار دينه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 1338ه (1919م) الاستعداد للمعركة..«ما حد له عذر» بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب الأخ.... وكافة أهل.... سلمهم الله تعالى بعد مزيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، على الدوام، مع السؤال عن أحوالكم، لا زلتم بخير وسرور، أحوالنا من كرم الله جميلة. بعد ذلك أنا ثابت عندي معلوم إن ممشى إخوانكم هالمتقدم، وأنتم ما أنتم معهم، إنه غاثكم كثير, لأجل هذا درب كل إنسان فيه حمية، دين أو دنيا، يجتهد فيه، وأنا مخليكم عمد، أبيكم تقضون لوازمكم، لأجل وقت صفري ومثله، واليوم الحمد لله قضيتوا لوازمكم، وتفهمون والله العظيم، إني ما أستلحفتكم وأنا أعلم إن واحد من المسلمين مالّ، أو له قصد ايتعدا هالقرية حتى يقضي الله أمره فيهم، عاجل أو آجل، لكن عزمت لي على علم، نرجو أنه خيرة، وصلاح للإسلام والمسلمين، وإنه بعد ما تحضرون عندي, إن شاء الله أخلي طائفة من المسلمين اتغزي شمال يم عدوان الله ورسوله، حتى يدرون إن المسلمين فيهم خير وبركة، وأنا كان عزمت إني أخليكم تثورون نفْرِ عام لكني دريت أنه بيصير مختبط، ولا يجي على المطلوب، لكن أنتم توكلوا على الله إن شاء الله ويصير جهادكم مثني، والمطية عليها ثلاثة رجاجيل، وخذوا زهاب أربعة أشهر لأجل تدرون لو قضى الله أمر هذولى وهم إن شاء الله بيقضي الله أمرهم، والمطلوب غيرهم بحول الله وقوته. أيضاً هنا علم ثاني: العرايق والكراوي، وياني وإياكم، كل جميع رجَّال معروف، لا تاجر ولا أمير وطالب علم، كلهم يثورون، ولا لأحد عذر، ما بأنفسكم أعز من نفسي، وإلا من أنفس المسلمين، أما الإنسان الذي فيه غارية دين ودنيا فهذا موجبها، والذي ما فيه غارية دين ودنيا فهذا يخاف، وأنا ظني بالله ثم بكم جميل -إن شاء الله- وأنتم توكلوا على الله، ومشواركم يصير بعاشر من ربيع الأول وترى طيب الناس دين ودنيا الذي يبادر بالعجلة، وكل مشيوف بجهدته، ولا شك أنتم الله الله في أمرين: الرجَّال الطيب، والسلاح أم خمس، وأم إحدى عشر، والعدة كثروها، وأما الجيش ما شالكم ووصلكم إلينا فهو المبروك, إن شاء الله . هذا ما لزم تعريفه، ودمتم محروسين والسلام. 20/ص/1340ه حسن التعامل مع الرعية بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى .... سلمهم الله تعالى آمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد ذلك: تفهمون أن الله سبحانه من علينا بنعمة الإسلام وأمرنا بالتواصي عليها، والدعوة إليها والنصح لجميع بني آدم, المسلم منهم العارف لدين الله نُعينه وندعو له بالثبات، والجاهل ومجانب الطريقة ندعوه ونوضح له الأمر، فإن اهتدى فلنفسه وإن ضل فعليها. فمن أجابنا عن ذلك فهو منا ونحن منه وله ما لنا وعليه ما علينا, ومن أنكر ذلك فالحجة قائمة عليه وظهرنا من الله ثم منه بعذر, ونحن بما نقدر, وهذا محسوبنا الشيخ عبد الله بن راشد ومرافقوه من طلبة العلم أرسلناهم نيابة عنا, المسترشد يرشدونه ويدلونه إن شاء الله على الخير، والخائف يؤمنونه حتى يفهم دين الله ومقاصدنا, ومن أمنوه فهو آمن بالله، ومن قرروه على علم ووثقوه فله على ذلك عهد الله وميثاقه، نرجو أن الله تعالى يمن علينا وعليكم بالهداية والتوفيق وينصر دينه ويعلي كلمته, ويجعلنا وإياكم من أنصار دينه ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. 1338ه (1919م) التمسك بالشرع الحنيف ومواصلة توحيد البلاد بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى كافة أهل ... وفقنا الله وإياهم لما يحبه ويرضاه آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: تفهمون أن الله سبحانه أنعم بنعمة الإسلام وأتمها علينا كما قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، وكل الأمور توفرت والواجب علينا وعليكم تقييدها بالشكر؛ لأننا اليوم في محل الخوف كما قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وقال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وكما ترون عظم ما أعطانا الله من النعم, أعزنا بعد الذلة، وأغنانا بعد العيلة، وأمننا بعد الخوف، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى. ثم بعد ذلك ترون بعض الذنوب وإشارتاها فيما جرى عليكم من نقص المياه، والثمار، وشدة المؤنة، ولا شك أن الله واجد ماجد، وأن سبب هذه الذنوب إما في عدم شكر النعم، أو تقصير بالطاعة، أو عدم إظهار حقوق الله على الوجه المشروع، أو بخس المكيال والميزان، أو تغيير نية في شيء من الأعمال والذنوب وغير ذلك كثير. والواجب علينا وعليكم شكر الله ومراعاة أوامره والقيام بها واجتناب ما نهى عنه، ولا تحسبوا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه الكلام في المجالس أو التحدث في أعراض الناس، أو أن الإنسان يعيب الناس ولا يرى عيب نفسه. الواجب أن كل منصوب أو مأمور يجتهد فيما ولاه المسلمون عليه من نصح ومراعاة حقوق الله, والإنسان الذي أمره على نفسه يطالع عيب نفسه ويصلح الذي بينه وبين الله. ولا شك أن الخير مزرعة أبذر حباً وتنبت حبوب كثيرة، والذي ندين الله به النصح لكم إن شاء الله باطناً وظاهراً وحضكم على أوامر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمناصحة لولاة أموركم وفيما بينكم, ثم بعد ذلك نعرفكم من قبل الأمور التي تخرج منكم للولاية مثل زكاة التمر والعيش وزكاة العروض والجهاد، أما زكاة التمر والعيش أمرنا وكلاءنا يبقون الربع، وفي كل بلد يصير للضعفاء والمساكين على نظر القاضي يحط نواباً في كل بلد يفرقونه كلا على قَدْره في قائمة تعرض علينا، وثلاثة أرباع تولاها الولاية وتدبرها على ما أمر الله به. وزكاة العروض تفك كجاري العادة وتفرق على الضعفاء والمساكين جيزها جيز الربع. كذلك الجهاد لا يكون فضة ولا أمر على أحد دون أحد، إنما هو استنفار وكل يشاف بفعله؛ لأن الجهاد الأول يحصل فيه قيل وقال وعدم إنصاف, والحمد لله نحن لنا أسوة بمحمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وإذا ورد أمر الجهاد فيبادر أمر أهل الوطن ويواعدهم كل يغزو بنفسه أو ولده، والمسلمون ينظرون في الطيب من الردي ولا معذور أحد إلا من عذره الله, والقصد بذلك ثلاثة أمور: الأول: اتباع للشريعة إن شاء الله، والثاني: تباعد عن الظلم وأن لا أحد يقول أخذ مني غير الحق، والثالث: لا بد أن المسلمين تضطرهم الحاجة إلى مغزى في السنة مرة أو ثلاث وإذا دفع إنسان عشرة أريل عن نفسه قال أنا دفعت دراهم ولست بدافع مرتين، إن دفعت فأنا مظلوم، نحن نقول: لا أحد يدفع دراهم, كلّ يتوكل على الله ويجاهد بنفسه وهذا فرض عليه والذي ما يقدر على ذلك ينوب في مكانه من يسد, ويُشترط عليه أنه إذا أردناه أن يكون جاهزاً مرة أو مرتين أو ثلاثاً في السنة. وهذا أولاً: اتباع لكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وثانياً: قطع حجة للذي يقول كلمة حق يريد بها باطلاً. ثم بعد ذلك أحذركم من ثلاثة أمور: الأول: رداءة المطية التي تغزو لا أحد يروّح ذلولاً رديئة لا تنفع المسلمين, ولا يركب رجلٌ ما فيه خير، ضرره على المسلمين أكثر من نفعه، ولا ينقل سلاح رديء أو ليس فيه رصاص افهموا هذه الشروط وإذا أشكل عليكم شيء في هذه الأمور فاسألوا العلماء, واحتسبوا ما يُرضي الله في بذل النفس والمال، لا تنتحلوا أعذاراً أو تظنوا أن الأمر أطلق فيه أيديكم ولا فيه تبريق، بل نحن سنراجع وندقق النظر في الغزاة وفي الإنسان القاعد في البلد وهو متعين عليه الأمر ولا يقوم به مع المسلمين. وحالاً إن شاء الله تستعدون بأمر الجهاد كل يعد نفسه ولا ندري هل يصبحكم أو يمسيكم, ولا يكون الأمر, إذا ورد يصير فيه تأخير أو تعطيل؛ لأننا بالأول نعطيكم مهلة موجب أنه الأمر والآن أمركم بيديكم وتعرفون أن هذا أمر متعيّن فالإنسان القائم فيه رضى الله فأرجو أن الله يعينه ويخلف عليه، والإنسان فاعله حياء فأرجو الله أن يجعل عمله صالحا والإنسان الذي ليس خائفا الله ولا مستحيا، فيدري أن المسلمين ما هم حانيّنه وملزوم يعاتبونه على فعله وأنتم إن شاء الله تدبرون كتابي هذا وتعملون بما فيه وتستعينون بالله الأمير منكم وطالب العلم وباقي الرعية. نرجو من الله سبحانه أن يمن علينا وعليكم بالهدى والتوفيق وينصر دينه ويعلي كلمته ويجعلنا وإياكم من أنصار دينه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 1338ه (1919م)