من المؤكد أن المصطلحات والمفاهيم واللهجات التي يتخذها المجتمع لغة تفاهم بين أفراده تبقى في محيطهم أو يفترض أن يكون هذا كما هو الواقع ، لأنها منهم ولهم وتعبر في الأساس لهم خاصة، مالم يشترك معهم في المفاهيم نفسها والمصطلحات شعوب أخرى ، وإلا فإنها لا تعني بالضرورة غيرهم ، سواء كانت تلك المصطلحات والمفاهيم واللغة أو اللهجة محلية محدودة الانتشار أو ذات بعد أكبر وتستند إلى لغة كما هي مثلا لغتنا العربية التي لها قواعدها المعروفة والتي يمكن الاستدلال عليها ، ومثلها كل اللغات المدونة والمقعدة أيضا ، أيا كانت تلك اللغة . سعود بن حسين السبيعي والقصائد الشعبية على وجه الخصوص عادة تبقى في محيط المجتمع الذي قيلت فيه ، لأنها وجهت لهم وتقتصر على مساحتهم الجغرافية وقل أن تعبر إلى حدود بعيدة لتتواجد في مكان مختلف عنهم لغة أو مفاهيم أو مكان ومجتمع . ولكن قد تعبر بعض القصائد النادرة حدود الوطن أو المكان أو المساحة الجغرافية تلك ، وقد يتلقاها من لم يهتم مسبقاً بمثيلاتها ، وهذا وإن كان نادراً إلا أنه معروف في أوساط الاهتمام العلمي أو دراسة قطعة أدبية لغرض النقد أو التفرد لها بسمة محددة ، خصوصاً للمنتج الأدبي أو العلمي المميز لمنتج . ولكن في الشعر الشعبي مثلا يقل جدا عبور القصائد التي انتجت بلهجة أو بنية محلية أو مصطلحات لا تهم سوى ساكن مساحة محددة أو تخاطبه خاصة ، مالم تلامس اهتمامات الآخرين مما يحدوهم إلى جذبها لتصل إلى مسافة أبعد وتطير عبر حدودها التي أنتجت فيها لتلامس أحاسيس أخرى خارجة عن محيطها التي وجهت له . قد تعبر القصيدة حدودها الإقليمية إذا لأسباب عدة أهمها تفردها وتميزها بشيء ما داخل مضامينها بغض النظر عن مفرداتها ولهجتها أو لغة قائلها ، فتكون مثلا ذات مضامين مختلفة ومعبرة تشكل لها جواز سفر أو بمفهوم آخر تشكل لها أجنحة ، وكما قلت هذا لا يعني ألفاظها أو مصطلحاتها أو مفاهيم عباراتها بالذات لكن مضامينها لامست اهتمام المتلقي هناك . واليوم العديد من الرواة والمهتمين بالشعر يعرفون مثل هذه القصائد ونسمعها منهم إما حفظا أو يحتفظون بقصاصاتها . لكن السؤال لماذا بعض القصائد يكون لها مثل هذا الاهتمام؟ والجواب لا يحتاج إلى مزيد من البحث أو الحيرة ، فهو كامن في مضامين القصائد كما ذكرت ، وسهولة أسلوبها وعمق معانيها ، وفي الوقت نفسه ملامستها لهموم المتلقي وكون القصيدة قالها شاعرها من إحساس ذاتي غير مفروض عليه من خارج شعوره . فالشاعر عندما يقول القصيدة بصدق هاجسه هو وإحساسه تصل إلى إحساس المتلقي ويتقبلها ومن هنا تناقل محبو الشعر هذه القصيدة ، التي ينطبق عليها مسمى : القصيدة المجنحة التي تطير عبر الحدود وقد طارت بالفعل عبر الحدود . أترككم مع قصيدة الشاعر : سعود بن حسين السبيعي حيث يقول فيها : أي دين وأي عقل وأي شرع وأي مله حللت لك دم اخوي ودم أخوك ودم أهلنّا هات لي آية تبيح الدم ولمثلك تحله هات لي آية تقول اقتل غريب مؤتمنا هات لي آية تقول اخرج عن الوالي و خله هات لي آية تقول انك شهيد يا ممنّا كان ما عندك دليل ارجع وتلقى لك أدله من كتاب الله واعرف مين أنت ومين حنّا في كتاب الله عكس إللي فعلته نستدله فعلك مخالف لشرع الله بكتاب وسنّا في كتاب الله حرام الانتحار بأي عله وفيه أمر بطاعة الله والرسول ومن حكمنا وان تنازعنا بشي ، في كتاب الله حله أن نرده للإله وللرسالة غصب عنّا وكانها بالسنة العطرة فهي والله مله جب أحاديثك وفكر ، وفي أسانيدك تأنا والغريبة تأخذ بضعف الأحاديث وتجله و أسألك هل اسند الشيخين؟ فحنا إمتثلنا النبي جاره يهودي آمنًه ما حدٍ يذله ما سفك دمه ولا أنكر في حقوقه ما تونّا والنتيجة أسلم وصدق وردد في محله الشهادة واعترف إن السماحه في عملنا والنبي أوصى بطاعة والي الأمه وظله لو يكون من العبيد ولو على شعبه تجنّا ما سمعت الكلمة إللي قالها في خطبة له ؟ فالوداع وكل ما قاله حبيب الله فعلنا حرم دمانا علينا والحرام أنته تحله حرم النفس الكريمة وأنت بافعالك تهنّا حرم تراب البلد والبيت ترحاله وحله وأنت تفسد باسم هذا الدين وتخرب وطنّا يا حسافه يا شباب ضاع ما هو في محله يا حسافة دمعة أمك ضاع ما كانت تمنّا غرروا بك يا صغير السن عدوان وشله غرروا بك واكذبوا في كل ما قالوه عنّا والمصيبة كل ما قالوه أفكار مضله كلها من فلسفة شيطان ما هي من سننّا ليه روحك تستهين بها وسيفك لي تسله ليه سمم فكركم ياكبادنا وبكم طعنّا اقتنع وإما اقتنعت الموت لك أهون مذله دام هذا البيت شامخ ودام هذا الشعب أملنا نحمد الله كل عضو ما يخاف الله نشله زوبعة فنجال والإرهاب له سيف يسنّا أي دين وأي عقل وأي شرع وأي مله اشهدوا يا ناس هذا الآدمي ما هو ب منّا