رحل الدكتور غازي القصيبي الشخصية الفذة التي أكد العديد من الأدباء والمثقفين في هذا البلد بل في الوطن العربي الكبير أن موت الدكتور غازي القصيبي خسارة كبرى ليس للمملكة فحسب بل للوطن العربي حيث كان الرجل قامة في كل مجال فهو قامة شعرية وروائية في الجانب الأدبي وقامة إدارية وسياسية في جانب العمل في الدولة، كذلك هو في السلك الدبلوماسي. لقد بقي رحمه الله حتى آخر يوم من حياته وهو يشعر بآلام وطنه ومواطنيه، نعم إنه رجل نظيف يعيش لوطنه لم تلهه زخارف ومباهج الحياة والسمعة عن التفكير في هموم مواطنيه تقلد منصب الوزير في عدد من الوزارات العتيدة التي كنت تئن تحت وطأة الروتين الممل والبيروقراطية القاتلة فعمل بكل جد للتغيير والتجديد وبذل المزيد من الجهد في إعداد الأطر المتميزة التي تأخذ بيد كل مُجد لتطوير عمله، بينما تشجع المتكاسل على تغيير طريقة عمله أو ترك المكان لغيره، فنهضت تلك الوزارات حتى أضحى ذلك الجهد واضحاً للعيان بما تقدمه تلك الوزارات من خدمات مميزة للوطن، فما زلنا نتذكر الزيارات التي قام بها في أصقاع المملكة المترامية الأطراف، وفي صورة مريض بائس يبحث عن علاج مناسب ليقف بنفسه على الخدمات المقدمة وعلاج ما يمكن علاجه في الحال بعيداًعن المكاتبات الرسمية فأصبح كل متخاذل يرتجف مع كل قدوم مريض ويقدم له العلاج المناسب خوفاً من أن يكون ذلك الوزير المتخفي في صورة مريض بائس، وكذلك عمل في وزارة الكهرباء على إيصال التيار الكهربائي إلى كل قرية في وقت قياسي كما عمل في السلك الدبلوماسي وكان علماً بارزاً في هذا المجال، حيث عمل على تحسين صورة بلده في مجاله الدبلوماسي، وخدمة مواطنيه بدون كلل أو ملل، حتى أضحى صورة للدبلوماسي المتميز وكذلك كان يعمل هو يتسنم منصب وزير العمل في إيجاد الفرص المناسبة لكل مواطن سعودي يطلب العمل، ودخل في حرب شعواء مع تجار التأشيرات وغيرهم وكان جاداً في تقليص قدوم العمالة الأجنبية وإحلال اليد العاملة الوطنية بدلاً عنها حيث يقول: في وزارة العمل أخوض حرباً مع لوبي المرتزقة ولكن وطأة المرض كانت تقف حجر عثرة في سبيل ذلك العمل الجاد حتى أسلم روحه لله وهو يحظى بالحب والتقدير من كل مواطن لنزاهته وعمله الجاد في خدمة وطنه عوضاً عن حسه المرهف في طرح العديد من مؤلفاته الأدبية التي أشاد بها الجميع، لقد رحل الدكتور غازي القصيبي وفي جميع القلوب غصة على ذلك العلم، ولكنها إرادة الله، نعم رحل ذلك العلم ولكنه باقٍ في قلوب محبيه وفي هذا الإرث الكبير الذي خلفه من الأعمال الخالدة.