** اعتادت الدول والشعوب في مختلف أنحاء العالم.. بأن تتخذ من اليوم الوطني مناسبة عامة.. تعبر فيها عن اعتزازها بنموذجها الخاص – بصورة مختلفة – هي أقرب إلى التعبير عن الفرحة.. والنشوة.. والاعتداد بما حققت وتحقق.. وبما وصلت إليه أيضاً.. ** ولا تختلف الدول في فرحتها بمناسبة اليوم الوطني اختلافاً كبيراً.. وبالذات في التعبير بصورة عاطفية عن مشاعرها في هذه المناسبة ، سواء كانت دولاً غنية أو فقيرة.. أو متوسطة الحال.. ** كما أن الشعوب لا تعترف بهذه الفروق بينها وبين غيرها من الشعوب الأخرى.. لأن الوطن يمثل قاسماً مشتركاً أعظم بالنسبة للجميع .. وهاجساً وجدانياً وحسياً واحداً عند الكل.. ** ونحن هنا في المملكة العربية السعودية .. وإن تأخرنا في التعبير عن فرحتنا بالوطن.. وعن صادق مشاعرنا تجاهه.. وفي الالتفاف حوله ، لأسباب لا مكان لذكرها الآن.. إلا اننا لا نكاد نختلف عن كل شعوب الأرض في ترجمة مشاعرنا إلى افعال.. وممارسات.. وإلى تفكير من نوع مختلف وجديد من خلال وسائل إعلامنا.. وثقافتنا الخاصة بنا.. ** وكما نعلم فإن الوطن سوف يعيش هذه المناسبة الجميلة يوم الأربعاء القادم (13/10/1431ه).. وسوف نشهد الكثير من (المهرجانات) و(التغطيات الاعلامية) أو المظاهر المعبرة عن الفرحة بهذا اليوم.. ** وليأذن لي القارئ بأن اطالب بأن يجيء احتفالنا بهذه المناسبة هذا العام في ثلاث صور : ** الصورة الأولى .. وتتمثل في التذكير بحقوق المواطن.. ** اما الصورة الثانية.. فإنها لابد وان تركز على حقوق الوطن.. ** وبالتأكيد .. فإن حقوق الدولة.. ستمثل الصورة الثالثة لهذا الاحتفاء.. بوطن الإيمان .. والأمان.. والمحبة.. والسلام .. والاستقرار .. والقيم الإنسانية الخالدة.. ** واليوم بصورة أكثر تحديداً.. فإنني سأتحدث عن الحق الأول – كما أسلفت – حق المواطن على الوطن.. وحقه على الدولة.. ** حقه في المشاركة الفاعلة في البناء وفي التنمية وفي تحقيق الأمن والاستقرار لبلده.. ** وحقه في العيش بكرامة .. وكفاية .. وبعيداً عن الاحتياج.. أو الفاقة.. والعوز.. ** وحقه في التعبير عن نفسه.. وعن مشاعره.. وطموحاته وتطلعاته بالطرق النظامية والقانونية وفي إطار الاحترام الكامل لأنظمة المجتمع.. وحقوق الدولة عليه.. ** وحقه في الوظيفة.. والعمل.. وتحمل المسؤولية.. وتوفير الأمان الاجتماعي لأبنائه.. وأفراد أسرته.. وإعالتهم والتفرغ لتربيتهم.. وتوجيههم التوجيه الأمثل ليصبحوا مواطنين صالحين.. وفاعلين.. بدلاً من ان يتحولوا إلى أدوات ضارة.. ومنحرفة.. ومعرضة للكثير من الأخطار الفتاكة في ظل غياب المظلة الاجتماعية الواقية لهم من الضياع نتيجة بطالة رب العائلة.. أو بعض أفرادها.. ** وحقه في المسكن الآمن.. والضامن لإيوائه وأفراد عائلته.. تحقيقاً للاستقرار النفسي.. والاجتماعي.. والعاطفي.. وتفرغاً للانتاج والمشاركة في خدمة وطنه بكل ارتياح.. ** وحقه في التعليم.. بكل مراحله ومستوياته.. ومجالاته.. حتى يكون عضواً فعالاً في هذا الوطن.. وشريكاً حقيقياً في تطوير أوجه الحياة فيه.. ** وحقه في الصحة؛ بحيث يتوفر له العلاج متى احتاج إليه.. والرعاية الصحية متى استدعت الظروف ذلك.. سواء كان يقطن في مدينة.. أو قرية.. أو هجرة. أو دسكر .. أو حتى في أقصى أقاصي الوطن أيضاً.. ** وحقه في الرعاية الاجتماعية.. سواء كان فقيراً.. أو متقاعداً.. أو مستور الحال.. أو محدود الدخل.. أو كان معوقاً.. أو مريضاً.. أو عاجزاً.. أو قاصراً.. حتى يعيش حياته بعيداً عن العوز.. والمرض.. والجوع.. والخوف.. وقريباً من الحياة الآدمية بكل خصائصها ومتطلباتها.. ** هذه الحقوق.. وغيرها.. هي ما يجب أن نتوقف عنده.. ونبحثه.. ونتدارسه بكل هدوء.. وبموضوعية .. وتجرُّد.. ** ولحسن الحظ.. فإن الكثير من هذه الحقوق متوفر لأبناء وطننا هذا.. لكن الكثير أيضاً غير متحقق.. وبالصورة التي يتطلع إليها ولي الأمر وينشدها المواطن نفسه.. ** ودون الدخول في تفاصيل دقيقة.. فإن المطلب الذي يخطر على بالي الآن هو : ضرورة التفكير – في مثل هذه المناسبة – في تبني مشروع نظام يتناول (حقوق المواطن) يتولد عنه تصور شامل لاستراتيجية محكمة.. تتبنى هذه الحقوق كمنظومة متكاملة.. تشارك فيها أجهزة التخطيط العليا في الدولة.. ويسهم فيها القطاع الخاص بدور فاعل.. وتوظف لها عقول البلد وكفاءاته.. وبذلك ربما نكون أول دولة في العالم.. تُفصَّل حقوق المواطن وحقوق الوطن وحقوق الدول وتنص عليها بمثل هذه الصورة وترسم صورة المستقبل على أساسها.. وتتحرك في الاتجاه المناسب على هدي منها.. ** فهل نفعل ذلك ؟ *** ضمير مستتر: **(من حقنا أن نحب الوطن بالطريقة التي نريدها.. لكن من حق المواطن أن نجعله يشعر بمتعة هذا الحب بإضفاء الطمأنينة على حياته).