!مرت أيام العيد ولياليه ، البعض كان مبتهجاً مسروراً ، وآخرون لم ينفضوا غبار الحزن والوجع ، فاستمروا يحبسون أنفاسهم قبل أي لقاء أو اجتماع مع الآخرين، رغبة في الوحدة وعشقاً في التلذذ بالآلام التي استنزفت لوحة الضوء المشرق من حياتهم ولم ترض بكسر حواجزه، بعد مضي هذه الأيام لابد من تدقيقٍ ومراجعة في الحسابات ودفتر المواقف ، لنحاول شطب كل ما يتعارض مع الابتسامة والفرح المطلوب في مثل هذه الأوقات ، قد يكون الأمر صعباً لكنه مطلوب لنستمر في غرس الزهور قبل أن يذبل العمر وينتهي ، لنشعر وقت الفرح بالفرح ، ولنحزن عند المواقف الحزينة ، لكن أن نجعلها تغلف أوقاتنا وتُلبسها السواد طوال الوقت وتعطل تفكيرنا بالمستقبل المضيء ، فهذا ما يجب أن نرفضه ونعمل على إبعاده عن حياتنا ، ليس المطلوب أن يعمل الآخرون كل ما نوده ، لكن يجب أن نقتنع أن الآخرين يودون عمل ما يرونه محبباً لأنفسهم وإن كان عكس ما نوده ، وهذا يحسم أمر التعامل الذي يجب أن نتعامل به مع كافة الشرائح ، الحب لغة من أسمى وأجمل المعاني التي تزين حياتنا وتجعلنا متفائلين ومشرقين حتى في تعاملاتنا اليومية والحياتية ، لذا فمن الواجب أن نعمل على التغيير الايجابي في الحياة لتكون لغة التفاؤل هي المسيطرة على كل التفاصيل ، وتكون النظرة للمستقبل المبهج هي العنوان الدائم الذي يجب أن نرتبط به ونحرص على البحث عنه داخل أنفسنا أولًا ،لأنها ستكون انعكاساً على حياة الآخرين معنا ومن حولنا ، قد تكون الظروف الاقتصادية والمصاريف والغلاء وأحيانا الظروف الاجتماعية ، السبب الحقيقي لبعض مظاهر الحزن لكن لا نجعلها تنسحب على كل حياتنا بكل معانيها وتلغي كل ابتساماتنا، وترمي بغمامتها فوقنا وتنغصها ، ولعل أجمل ما في هذا العيد عندما رأيت الصغار وهم مجتمعون يمزحون ويمرحون ويبدعون في الصراخ واللعب وضحكاتهم تملأ المكان ، وتضج في الأركان ، يبكون لدقائق ومن ثم يعودون للعب مرة أخرى ، فلا هموم تزعجهم ، ولا مشكلات سوى سؤالهم (وين العيدية )؟! لنحاولْ أن نجعل الفرح لا يغيب عن حياتنا حتى بلمسة وفاء لصديق أو قريب أو ابن أو زوجة ، ولنضيقْ على الحزن الخناق ، ونعمل على إبعاده عن حياتنا قدر المستطاع ، لكي نعيش سعداء أطول الأوقات بإذن الله ، لنتذكر المرضى ومن عجزوا عن الحركة فوق الأسرّة من الصغار والكبار ، لنمسح دمعة طفل يتيم ، لنرسم البسمة على شفاه هؤلاء بكلمة طيبة أو بهدية بسيطة ، أو حتى بقبلة على رأس كبير السن ، فهي تكفي لنسعَد ونُسعِد غيرنا ، والرضا بما كتب الله هو أحد مفاتيح السعادة وكما تقول الأبيات المنسوبة للإمام الشافعي : دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء وكن رجلاً على الاهوال جلداً وشيمتك السماحة والوفاء