حب الناس الحقيقي لشخص ما لا يتوقف على مال ولا جاه ولا منصب، إنما هي الأخلاق وحسن التعامل، ولنكن أكثر تحديداً هي ما يسمى "لباقة وذوق المعاملة".. الأمر الذي يؤكد أن "الدين معاملة".. تلك المرآة الصادقة لما يخفيه الإنسان داخله من نقاء ورقي. ولا شك أن أسعد الناس من يجيد فن التعامل مع الآخرين، والحياة، ويجد المفتاح السحري لغزو قلوب البشر، والأمر في كل ذلك لا يتطلب أكثر من معرفة بعض أسرار الأدب في التواصل، وبعبارة أخرى "اتيكيت" الحديث.. إنه "الذكاء الاجتماعي" الذي جعل البعض محبوبين رغم فقرهم، ومطلوبين بعيداً عن جنسياتهم وعروقهم وأشكالهم. في الحديث (ياغلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) فن من فنون آداب الطعام، وفي قوله صلى الله عليه وسلم (ابتسامتك في وجه أخيك صدقة) فن آخر في التعامل والاتصال، وقوله تعالى: (فإذا طعمتم فانتشروا) منهج حياة تعلم الأصول في حسن السلوك، وتقدير ظروف وخصوصيات الآخرين، (رفقاً بالقوارير) أسلوب التعامل مع النساء بالرقة والرفق، وما الإحسان إلى الجار، وإلى الناس عامة وإكرام الضيف، وبذل الهدايا، وصلة الرحم، وبرالوالدين إلاّ فنون مما سماه العلم الغربي "اتيكيت" موجودة منذ وجد الدستور الإسلامي الحنيف. اذن الاتيكيت (فن التعامل الراقي) ما هو إلا الالتزام بآداب ديننا الإسلامي، وما أن يلتزم الفرد بها وينشرها، فإنه ينشر بذلك ثقافته وحضارته الاسلامية. مستهجنات الحوار اليوم نتحدث عن أحد تلك الفنون الخاصة بالتواصل الحواري، من خلال المدربة المعتمدة من الأكاديمية البريطانية للتدريب في التنمية البشرية الأستاذة "سكينة رضا فرحان"، وقالت: إن من مستهجنات الحوار مع الآخرين، ما يلي: •الانتقاد:الناس يكرهون الانتقاد المباشر، خاصة في العلن، والتصرف السليم لذلك أن يكون هناك لفت للنظر لأمر معين فقم بامتداحه أولاً حتى يكن مستعداً لتقبل النقد بروح الصداقة؛ ثم تكلم بصيغة الجمع، مشيراً إلى هفوة وخطأ الغير بالتلميح فقط دون التصريح. •الاستئثار بالحديث كله: وهذا ما يسبب الملل لنفوس الآخرين، بل من اللائق ترك بعض الوقت للغير والأخذ والعطاء. •الفضول في معرفة أسرار الآخرين: وهذه آفة اجتماعية ممقوتة فلا تحاول استدراج محديثيك إلى البوح بأسراره لك، وهو أسلوب مفضوح مزعج ينفر منك الآخرين. •التصنع في الحديث والاستعلاء والغرور: وهذه عادات وسلوكيات بغيضة للنفس، فكلما كان الشخص متواضعاً كلما قرب المسافات بين الآخرين وأحبوه. •الغضب: وهذا يفسد صفاء المجلس، فلا تستسلم للغضب لأي سبب كان؛ ومن اللائق أن تكون هادئ الطبع والتمس العذر للآخرين، وكن إيجابياً في التصرف وحاول كسب الجدل بالمنطق السليم. •السخرية والتهكم من حديث الآخرين: اسعى إلى وضع نفسك مكان الآخر والشعور بما يحمله من أحاسيس. •لا تقل لأحد أنك مخطئ وإن أخطأت فاعترف بذلك فهذا السلوك يرفع منك. •المساس بشخص محدثك: كأن تقول عن رأيه سخيف أو حجته واهية، بل احترام الرأي الآخر وايجاد نقاط تشتركان فيها، ولا تجعل النقاش كأنه معركة خاسر ورابح، بل أنهي المناقشة بكلمة لطيفة تمحو ما قد يترك الجد في نفس محدثك ولتكن النكتة وروح الدعابة لتخفف من توتر الموقف. •التعليق على الهفوات البسيطة التي قد تقع من محدثك، ومن اللائق تجنب المشاجرة مع المتحدث وعدم المقابلة بالمثل مراعاة لأصحاب البيت، واحتراماً للحاضرين الذين يقدرون موقف صاحب الخلق المتسامح. •عدم المصافحة والنظر الى عيني محدثك، وأيضاً ابتسامات السخرية والغمز، وهذا من أسوأ السلوكيات، ويشعر المحدث لك بالاحتقار.. والتصرف اللائق أن يحسن النظر إلى المتحث ومشاركته تعبيرات الوجه، ويجب المصافحة براحة اليد وليس من أطراف الأصابع. •التحدث بكل ما سمعت، وفي الحديث " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"، وأيضاً "المجالس بالأمانة". •كثرة لوم الآخرين والعتاب: والتصرف اللائق أن تعدد الصفات الطيبة في كل إنسان تلقاه، وكن كريماً في مدحك، وأظهر الاهتمام بالناس، فهذا مدعاة أن يتقربوا منك بحب. وتنهي المدربة "سكينة" حديثها بالتأكيد على أهمية عبارات التحفيز، وما لها من الأثر الكبير في حياة الناس، وهذا ما أسمته التعزيز الايجابي، واعتبرته المؤثر الداخلي الذي يبعث النفس البشرية على الارتياح، ويُسهم في تحفيز طاقة الإنسان وجهده نحو الهدف بكل رغبة واقتناع.