رحل الأحد في فرنسا كلود شابرول المخرج السينمائي الفرنسي عن سن الثمانين. وقد أجمع أهل السينما والفن والسياسة في البلاد بعد أن بلغهم خبر موته على اعتبار رحيله فاجعة في مسار الفن السابع. فقد قال عنه الرئيس الفرنسي إنه كان "أحد عمالقة" السينما. وشبهه بكاتب فرنسي هو هونوريه دوبالزاك الذي عاش في الشطر الأول من القرن التاسع عشر لغزارة إنتاجه وولوجه في دقائق خاصيات النفس البشرية وبخاصة السيئ منها. وقال عنه الممثل الفرنسي الشهير: "جيرار دوبارديو بطل آخر أفلامه الطويلة" كان كلود يجسد بهجة الحياة. ولا أستطيع أن أتصور أنه رحل لاسيما أنه لم يكن يفكر في الموت مطلقا". والحقيقة أن السينمائي الراحل كان متعدد الوجوه باعتباره كان مخرجاً وممثلاً وكاتب سيناريوهات ومنتجاً. وبدأ حياته مع الفن السابع ناقدا سينمائيا وشيئا فشيئا وصل إلى مرتبة جعلته أحد عرابي مدرسة "الموجة الجديدة" في تاريخ السينما الفرنسية. ومن عرابيها الآخرين فرانسوا تريفو وإيريك رومير وجان لوك غودار الذي يعد مهندس هذه المدرسة ومنظرها. الفئة الوسطى غير الباريسية لم يكن كلود شبرول مهيأ أصلا للتعاطي مع السينما كناقد ثم كمخرج وكاتب وممثل. فقد كان والده صيدليا وكان يريد لولده أن يرث صيدليته وهو صيدلي. ولكن السينمائي الراحل رسب في كل الاختبارات التي كانت معدة لجعله يقتفي أثر مسار والده المهني. ولذلك قرر دراسة الأدب والقانون. وبدأ مشواره إذن مع السينما هاويا وناقدا ثم مخرجا. وأول فيلم أبرز مواهب كلود شابرول في التعاطي مع الإبداع السينمائي عنوانه "سيرج الجميل" وٌقد أخرجه عام 1959 ولعب دور البطولة فيه الممثل الفرنسي الراحل جان كلود بريالي. وكان السينمائي الراحل في بداية عهده بالإخراج السينمائي مولعا بالأفلام البوليسية وعوالم هيتشكوك التي تأثر بها إلى حد كبير. وشيئاً فشيئاً أصبح يهتم بالقضايا الاجتماعية والنفسية التي تتعلق بشريحة من المجتمع هي شريحة الفئة الوسطى التي تسكن في المدن الصغيرة والقرى والأرياف. وأبدع كثيرا في تصوير عوالم هذه الفئة طوال العقود الخمسة الأخيرة بمعدل فيلم كل عام بالإضافة إلى قرابة عشرين شريطاً من الأشرطة الخاصة بالتلفزيون.