عيد مبارك عليكم إن كان اليوم أو غداً! عيد يأتي لعله يجدد محبتنا لأنفسنا التي ذابت في ملفات الهموم وقضايا الأوجاع، وكل تلك الإفرازات السلبية التي تحاصرنا طوال العام! لن أقول على المعيِّد أن يعيش حالة الفرح، أو حالة الاحتفال؛ لأن الفرح تختلف مفاهيمه من شخص إلى آخر، ومن عمر طفل إلى عمر مراهق أو شاب أو كهل، لكنه في المحصلة حق مشروع للجميع على مختلف أعمارهم، وأطيافهم! عيد مبارك على المسلمين عامة، وعلى كل من يريد أن يستشعر العيد بعيداً عن إحساس التأنيب المستمر، والجلد الذاتي الذي يمارسه البعض على أنفسهم من خلال: ماذا هناك وهنا لنحتفل به؟ وما الذي يستحق أن نفرح ونعيِّد من أجله؟ وكيف أن الحياة عامة مليئة بالكوارث والغم وبالتالي لا معنى للاحتفال ولو كإحساس وليس كممارسة؟ قد تُفاجأ بأحدهم يصفعك بإجابة قاسية عندما تعايده، أو تبتسم في وجهه، بأنه عيد مثله مثل سائر الأيام، وأنه يربأ بنفسه أن يتحول طفلاً لا يستشعر ما يجري حوله، وما يعيشه، وأيضاً ليس بإمكانه أن يتجاوز همومه ومشاكله لأن العيد قد حلّ وأتى، فهو أيام معدودة ستمر بسرعة وسنعود إلى ما كنا عليه! وأنت في إحساسك المشروع بأن هذه أيام عيد وليست مجادلة تتأسف عليه وهو هكذا حاملاً كل هذه الكوارث التي أنت وغيرك يحملها ولكن الفرق بينكما أنك في حالة تصالح مع نفسك، وفي حالة فصل دائم لتفاصيل الحياة المفرحة والمؤلمة! بينما هو يشعر أن المكان هو المكان ولم يغيره العيد وأن الخيبات، وإن غُيبت أسبوعاً فهي عائدة بعد ذلك، وأن الفرح الذي أنت تحتفي به بمسمى العيد صوره ترتكن في ذاكرتك فقط، وليس في الواقع! وأنت تبتعد عنه تشعر بأن لا مصلحة لك اليوم لتفسير ملامح الصورة! وأنه لا داعي لتنبيهه بأن يلامس العيد بطريقة الإنسان العادي والذي يتفاعل مع كل الزمور ويقترب منها لاقترابها منه، حتى وإن كان هذا الاقتراب مؤقتا. عيد مبارك.. استمتع به حتى وإن كنت وحيدا، ومستمرئا عزلتك في مكانك! عيد مبارك حاول أن تعيش داخله بتاريخك الذي سيسجل ما تفعله في تعاملك مع لحظات وأيام الحياة المختلفة! عيد مبارك عليكم جميعاً يطوى به الزمن لحظة جميلة، بلحظة أجمل من التواصل الإنساني، ومن التراحم وفتح صفحات من الحب والمودة مع الآخر الذي غاب طويلاً ولم تجده طوال العام! عيد سعيد!!! يشيع فيه الجمال... وتنصهر فيه مشاعر الأسوياء لتمنح من حولها طرقاً مفتوحة تقودها إلى عوالم دون بوصلة! عيد سعيد عليكم أن تحتفوا به، وتعيشوا لحظات صفاء، وكأنها إعادة اعتبار للحياة القاسية! عيد مبارك نحتفل فيه بأحاسيس تخص كلا منا، ولكنها تلتقي في احتفالية التطهر من العمل، والبلادة، والركض، والحقد، والحسد، واستهلاك الأيام دون محاولة فتح أبوابها على لحظة حلم أو جمال! ينعاد عليكم وأنتم دائماً في أحسن حال. ينعاد عليكم بأيامه التي كلما اقتربتم منها تشعرون بأنها امتداد طبيعي لكم! عيد مبارك يزوركم كعادته محملاً بالحب والصفح والحياة المترفة بالأمل، ويختصكم أيضاً بالحب! وعساكم عائدون عليه!!