** لو لم يكن الرئيس الأمريكي الأسبق (كلينتون) صادقاً مع نفسه.. ومع الشعب الامريكي.. وهو يعترف بأخطائه مع موظفة البيت الأبيض (مونيكا) .. لما اختاره لدورة ثانية بعد أن اعتقد خصومه انه قد كتب نهايته السياسية إلى الأبد وهم ينشرون تفاصيل خطيئاته تلك.. ** حدث هذا لأن الشعب الامريكي لا يحتقر شيئاً في الدنيا كما يحتقر الكذب والكذابين.. ** ولذلك فإن انظمته وقوانينه وتشريعاته تبدأ بكلمة (نعم) عند مواجهة أعتى المجرمين بجرائمهم.. وتنتهي بهم إلى أسوأ مصير.. عندما يقول المجرم (لا) ويثبت كذبه فيها.. ** ولأننا نعرف هذه الحقيقة عن الكثير من الشعوب التي تقدس الكلمة وتحترم الذات.. وتصدق عند المواجهة مهما كان الثمن.. فإن الكثير منا يستغلون نقطة الضعف هذه حين يتعاملون مع هذه الشعوب.. ويقومون بالتحايل .. أو الكذب.. أو استغلال هذه الحقيقة فيهم دون ان يخجلوا من أنفسهم.. أو ان يخافوا من الله عز وجل.. وهم يتصرفون بما لا يليق بهم كمسلمين.. وبما يتعارض مع قيمهم وأخلاقياتهم.. ** ليس هذا فحسب.. بل إنهم يعتقدون بأنهم قد مارسوا ذكاءً نادراً على شعوب (غبية) تصدق ما يقال لها.. وتتصرف على أساسه.. ** فهل هناك ما هو أسوأ من ان نحقق منافع دنيوية بالكذب والتحايل وباللف والدوران.. ونحن الذين أودعَنَا الاسلام أعظم القيم وأغناها بالمثل العليا..؟ ** أسأل وأنا أدرك.. أن كل واحد فينا يشعر – في داخله – بتأنيب الضمير وهو يقول غير الحقيقة .. فيكذب على الله.. ويكذب على نفسه.. قبل ان يكذب على الآخرين.. ومع ذلك فإنه لا يتورع عن ممارسة هذا السلوك بشكل يومي في متجره.. ومع مراجعيه.. وأمام طلبته.. ومع زملائه.. وأصدقائه.. إلى الدرجة.. التي أصبح معها الكذب سلوكاً يومياً طبيعياً ومألوفاً .. ومتوقعاً باستمرار.. ** فكيف يمكن لنا ان نتخيل بلداً كل من فيه يكذب .. وكل من تتعامل معه يكذب.. وكل من تعاشره يكذب.. وكل من تأتمنه على حياتك.. أو مالك.. أو أهلك.. أو مستقبلك..أو صحتك.. يكذب.. ويكذب.. ويكذب؟ ** وكيف يمكن لأحدنا ان يشعر بالاطمئنان.. إذا كان عليه ان يدقق في كل كلمة.. وكل حركة.. وكل همسة.. وكل تصرف.. تصدر من كل من يعيش معهم.. أو يعتمد عليهم.. أو كان يثق بهم.. وهو يدرك تمام الإدراك أنهم يكذبون عليه.. ويستغفلونه.. ويستغبونه؟ ** وهل هناك حياة أشد جحيماً.. من أن تجد نفسك مضطراً للتعامل مع من يخونوك.. ويخدعوك.. ويكذبوا عليك.. ويهينوا عقلك بتصرفاتهم (المخزية) معك؟ ** حقاً .. ** إن أسوأ ما يمكن أن يوصف به مجتمع يكثر فيه الكذابون.. هو انه مجتمع (فاسد) و(مريض) و(مأفون).. و(منهار) لأنه يفتقد أبسط مقومات الوجود الطبيعي في كون لا يحتمل المزيد من الكذابين. *** ضمير مستتر: ** (مهما كان ثمن الصدق عالياً .. إلا أنه يظل أقل بكثير من الثمن الذي سيدفعه الكذابون في النهاية).