بيت الشعر يقول (أسهل من الكذبة على شف الطفل) كناية عن جمالها، ولابد أن عكسها هو أقبح من الكذبة على (خشة) كهل، فليس في الكذاب صفة جميلة، وليس في الكذب ما يستهوي السامع ما دام يدرك أنه يسمع كذبا أو كلاما غير قابل للتصديق، قياسا بمعرفة السامع بطبع المتحدث الذي ديدنه الكذب أو استنادا إلى علم السامع بعدم صحة ما قيل. أجمل ما في الكذاب (والكذاب قبيح كله) هو اعتقاده أنك تصدقه، فلا يزال الكذاب يكذب ويكذب حتى يصدق نفسه ويعتقد أنه مقنع وإذا وصل إلى هذه المرحلة المتقدمة جدا يصبح حديثه فيه لمحة متعة، وهذا ما قصدت به (أجمل) ما في الكذاب لأنك تكون أمام شخص يتحدث عن شيء أنت تعلم عكسه وتدرك عدم صحته وهو يظنك تصدقه فيغريه تصديقك للمزيد من استغفالك (هو يعتقد أنه استغفلك) وأنت لم تصدقه ولم تستغفل فتصبح أمام مغفل يتحدث وأنت تضحك عليه في داخلك حتى الثمالة ولكن دون أن تبدو نواجذك، وهذا ممتع جدا. أنت هنا كذبت عليه بإيهامه أنك تصدقه، لكن البادئ أظلم ومثل هذه النوعية يستحق ما يحدث له (من قال له يكذب؟!). هذا (السيناريو)، الكذب والإيهام بالتصديق والاستمتاع بالضحك داخليا على الكذاب أمر مقبول على مستوى المجالس والاستراحات وروايات البطولات الخيالية على وزن (فرفعت رجل الأسد)، لكنها غير مقبولة على مستوى المسؤولية نحو الوظيفة، ونحو ما يخص مصالح الناس، ومعاملاتهم وغير لائقة أن تمارس في تصريحات تنشر أو أخبار تكتب أو ادعاءات غير قابلة للتصديق تعلن عنها شركات الخدمات المدفوعة أو المتاجر على لسان القائمين عليها، وعلينا هنا تحديدا أن نوقف من يمارسها عند حده ونشعره بعدم تصديقنا لرواياته لأن المسؤولية فوق كل اعتبارات المجاملة فمن غير المقبول أن تتحول تعاملاتنا وأحاديثنا وتصريحاتنا من مصداقية المجتمع المسلم إلى التحايل والكذب وأن نتحول وبسرعة من المجتمع الذي يعتمد الثقة في تعاملاته إلى المجتمع المتوجس من كل شيء، وعلى الإعلام تقع مسؤولية كبرى في الحد من هذا السلوك بعدم تشجيعه، وبالتأكد من مصداقية ما يقال وما يعلن لأن الإعلام يستغل أحيانا. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة