نحن شعب نحب وطننا، ولا نساوم على هذا الحب ولا نقبل حتى مجرد التشكيك فيه. وقد أثبتنا ذلك على مر السنين، فديناه بأغلى مانملك، بأرواحنا وأرواح أبنائنا من بعدنا. لم نبخل عليه لا بالغالي ولا بالنفيس، بذلنا ذلك شعوراً بحقه علينا، فقد كان وطننا سخياً معطاءً ومنحنا الكثير من خيره الوفير. إن حب الوطن ليس في وقت الشدة وأثناء المحن فقط، بل يجب ترجمته واقعاً وقت الرخاء أيضاً. إننا مع الأسف نتخاذل في تأدية واجباتنا، نطالب بمدارس وجامعات ونتكاسل في التحصيل العلمي وينخفض لدينا الطموح. نصرخ ونطالب بحقوقنا في العمل والوظيفة ولا نخلص في العمل عندما يوكل إلينا. فلا نحرص على مستوى التعليم الذي نقدمه لطلابنا ولا الرعاية الصحية لمرضانا. وننسى أن حب الوطن في السلم كما هو في الحرب. نتصرف بأنانية فيما يخص ممتلكاتنا، ولا نبدي إحساساً بالمسؤولية نحو مصالح وطننا، فنملك الأراضي الشاسعة، لا نبيعها ولا نعمرها ولانؤدي ضريبة لتملكها، ولا يؤلمنا إرهاق مرافق الدولة التي تضطر لتمديد الخدمات المختلفة للمواطنين من ماء وكهرباء وهاتف وصرف صحي، على مساحات واسعة بسبب تمسكنا بهذه البقع البيضاء التي تشوه مدننا وتلطخ صورتنا. لا نشعر بالألم من ارتفاع أسعار الأراضي الفاحش الذي نعلم أننا أحد أسبابه، ولا بوخز الضمير ونحن على يقين أن أزمة الإسكان نحن من يقف وراءها. حب الوطن لايعيش مع الجشع والطمع والأنانية، إنها تخنقه وتجهز عليه. إني لا أنادي بالتخلي عن الحقوق أوالممتلكات، ولا إلى إنكار الذات وإهدار المدخرات، ولكن إلى إعادة النظر بمصالح الوطن وثرواته وتحقيق التنمية المستدامة لمواطنيه وأجياله القادمة. إذا كنا نحب وطننا فالتعبير عن هذا الحب هو بإيثار مصالحه التنموية على مصالحنا الشخصية، وتقديم حقه على حقوقنا. لن ينهض الوطن ويتقدم إلا إذا أبدينا نحوه إحساساً بالمسؤولية وشعوراً بالواجب، وصدقنا في القول وأخلصنا في العمل. يجب أن يبدأ كبيرنا ليكون قدوة لصغيرنا. ان يمنح غنينا ليكتفي فقيرنا. إذا كنا حقاً نحب ترابه، فيجب أن لا نسف ترابه !!