يؤكد الرحالة اوبنهايم ضمن كتابه رحلة إلى بلاد شمال الجزيرة أهمية الحياة العائلية لدى البادية في بناء دستور القبيلة على اعتبار الرجل هو سيد البيت والعائلة المطلق مشيرا إلى أن ممارسته للسيادة ألين بكثير مما جرت عليه العادة في المدن إذ يسمح لأبنائه مثلاً بالاستقلالية فور زواجهم والذي يسعون إليه نظراً لبساطة الحياة في الصحراء ذلك لان الحصول على خيمة يعد أمرا ميسورا يستطيع بعدها أن يؤمن حاجته في الحياة من خلال رحلات الغزو مع ذلك فهم لا يبتعدون عن والدهم إذ يواصلون الحياة بالقرب منه ويضربون خيامهم جوار خيمته ويتبعونه في جميع القضايا المهمة ثم يتحدث عن المرأة كعنصر آخر مهم في بناء دستور القبيلة وأهمية دورها في كل مناحي الحياة الأخرى: يختلف دور المرأة البدوية تماما عن دور المرأة في المدينة وتستشار في غالب الأحيان حتى في أهم القضايا رغم أنه لا يسمح لها بدخول منطقة الرجال في الخيمة وفقاً للعادات الشرقية القديمة ولا يزال الدور الذي لعبته إحدى زوجات الشيخ صفوق والدة عبد الكريم وعبد الرزاق وفارس كمربيات في تاريخ القبيلة معروفاً إلى اليوم في صحراء بلاد مابين النهرين وكذلك والدة ذبلان التي استطاعت توجيه ابنها بطريقة حاسمة . ويشتد احترام الرجل البدوي للمرأة بصفة متميزة عند ما تنجب له ولداً , ويتبين مفهوم الأمومة بوضوح عند ما نعرف أن الزوج وجميع أفراد العائلة يتخلون عن تسمية المرأة باسمها حالما تنجب ولداً وينادونها من ثم فصاعداً باستعمال اسم المولود الجديد فتصبح ( أم فلان) خاصة إذا كانت المرأة زوجة لأحد الشيوخ وحتى العدو الذي يشن غزوة على القبيلة يواجه المرأة باحترام كبير , إذا يعتبر البدوي أن من واجبه أن يتخلى عن بعض الحيوانات المسلوبة لفائدة المرأة التي تلاحقه إذا كانت من القبيلة التي تعرضت للغزو . ولا يتضارب مع هذا الاحترام البالغ أن يكون على المرأة البدوية واجب القيام بجميع الأعمال المنزلية وما يتعلق بذلك من مهام مختلفة ومن أشق الأعمال التي ينبغي على المرأة البدوية أن تقوم بها جلب الماء , والبحث عن الحطب الذي قد لاتعثر عليه بعض الأحيان إلا في أماكن تبعد مسافة ساعات عن المنزل . كما ينبغي على المرأة أن تحلب الإبل والماعز . وأن تصنع الزبدة من اللبن وتقوم المرأة بهذا العمل الأخير عادة في الصباح فتضع اللبن في قربة تعلقها على حاملة ذات ثلاث أرجل وتدفعها جيئة وذهاباً في إيقاع متجانس حتى تتكون الزبدة . الأمر الذي يستغرق قرابة ساعتين من الزمن , ومن واجب المرأة إعداد الطعام رغم أن الرجال يتولون هذه المهمة أحياناً وتبدأ المرأة قبل مطلع الفجر بطحن الدقيق اللازم لوجبات اليوم , وهي مهمة تستغرق عدة ساعات بسبب قصور الرحى اليدوية عن أداء هذا العمل ولا تزال الرحى تحتفظ بشكلها الذي كانت عليه منذ عهد الآشوريين والمصريين القداما . وتشمل أعمال المرأة صناعة النسيج الذي تستمد منه قطع الخيمة والأقمشة الخشنة التي تصنع منها الأكياس والأغطية وفي بعض الأحيان القمصان أيضاً وتنصب المرأة جهاز النسج ( النول ) الذي يكون في العادة بدائياً في وسط خدر النساء ومن الغريب أن الرجال يقومون بعملية النسيج في كثير من الأحيان , ويغلب على الظن أن السبب في ذلك هو معالجة الضجر الذي قد يصيبهم أحياناً . ويتبين بوضوح حب الرجل لذاته أمام الجنس الضعيف أثناء الترحال , فإذا كان البدوي يملك ناقة فانه يركبها في حين تسير النساء خلفه محملة بمختلف الأدوات المنزلية أو ببعض أبنائها فوق ظهرها . انتهى كلام الرحالة الذي قد لا يوافقه بعضنا خصوصا فيما ذهب إليه أن البدوي يقوم بأعمال الطبخ أحيانا بدلا من زوجته وانه يركب ناقته ويتركها تسير على الأقدام تحمل الأطفال وأدوات المنزل أثناء الترحال.