الخبر الصاعق، الموت المفجع، رحيل إدارة أخلصت لوطن، رحيل رجل دولة، رحيل فتى لم يشخ، رجل برحيله رحلت مدرسة إدارية فريدة في التاريخ، كل الإدارات في العالم لها أسس وقوانين وإدارة فتانا هي قانون إداري بل جامعة ادارية بذاتها، رحل رجل وحزن عالم، وفاة أسطورة، غاب الغازي وبقيت انتصاراته وفتوحاته، غاب رجل أقام الدنيا ولم يقعدها، غاب الفتى الذي إن حضر تضاءل أمامه من حضر، مات من اختزل الزمن، ترجل الفارس عن صهوة جواده الأصيل الذي طار معه على بساط الريح الى قمم العلا، غاب من صارع وحوش البشر وروضهم، غاب من قدره دائما ان يقف في وجه العاصفة، رحل من وفق بين عدو وصديق في ألفة لا تؤلف، سافر من صنع من الترحال سكنا، مات متسلق الجبال الشاهقة، مات من تربع على قمم الفخار، مات من سافر مع النجوم، مات من شق عباب المحيطات وواجه الأعاصير، مات من غاص في أعماق البحار، مات من حوى قلبه اللؤلؤ والمرجان، مات منجم الكنوز، رحل من صنع من النقد والذم نجاحا، رحل من جعل كتبه تنام تحت كل وسادة في الكون، هاجر من شدا بقوافيه الحضر والبادية، غاب صانع اللحن، رحل مهندس الكلمة، رحل محترف الحرف، رحل فنان الفنون ومبدعها بشعرها ونثرها بروايتها وقصتها القصيرة بما قدمه للتلفزيون والموسيقى، رحل نهر الرومانسية والحب والجمال، رحل مبدع القانون، رحل أستاذ التاريخ، رحل قائد الإدارة وقاتل روتين المكاتب وما يعرف بالبيروقراطية، غاب متخذ القرارات الكبرى وصاحب المشاريع العظمى ورجل المنجزات الخارقة في بناء تنمية وطنه المملكة العربية السعودية، مات من تفانى في خدمة بلاده ومليكه وأمته، غاب خبير السياسة، رحل معجزة الدبلوماسية، غاب فارس الحوارات والفائز فيها دائما، رجل كسب احترام الجميع، رجل كسر مقولة رضا الناس غاية لا تدرك فأنا أؤكد انه حتى ولو ظهر من يمقته فإنهم قلة لا يقاس عليها وبالتالي فقد حقق الرضا، فتى مهما قيل عنه فهو قليل في حقه.. فماذا يقال في رجل هو تاريخ بذاته، بل هو التاريخ بما فيه من نصعان. وكأن التاريخ يؤرخ بقبل غازي وبعد غازي، بمجيء غازي انتهت حقبة وبدأت حقبة وبذهاب غازي انتهت حقبة وبدأت حقبة، وكأن بوجوده وغيابه يتغير كل شيء، مات العبقري، مات من جسد الإنسانية بجدها ومرحها بحقوقها وواجباتها وجسد الحضارة بانفتاحها والتقاليد بمحافظتها وكان بحق اعجوبة من أعاجيب الزمان واسطورة من اساطيره وعظيم من عظماء الدهر وهو امة قائمة وبوضع استثنائي كما هو غازي دائما استثنائي، وأخيرا نام من أيقظ الورى جدلا فيه، غاب غازي القصيبي وخلد مجده.