بلا شك أن قضية التحكيم والحكام أمر يتعاطف معه الكثير ويتمنون له كل توفيق ونجاح وهو الأمر المفترض والحالة التي تسعدنا، فالجميع على استعداد لأن يقف مع الحكم الوطني ويقدم الدعم والتشجيع له لأنه ابن الوطن ونجاحه مفخرة للجميع، لذلك لا أحد يشكك في أمانة الحكم السعودي وهو محل ثقة ومخلص ومنصف ولا يدخل الميول في عمله، والجميع يحترمه ويقدره ويحس بحجم المسؤولية وصعوبة المهمة التي يقوم بها، والحكم قبل كل شيء بشرٌ قد يصيب وقد يخطئ وفي الغالب من الصعب إرضاء الفريقين، لذلك فإن الاختلاف مع الحكم والتصريح ضده والانزعاج منه أمر يتعلق بأدائه وليس بشخصه. فهناك معايير وإمكانيات يحتاج لها أي حكم وهناك أمور يحب أن تتوفر فيه ابتداء من تطبيق القانون وإمكانياته الخاصة وقوة شخصيته وشجاعته وثقته بنفسه إلى تواجده وحضوره وتطوير نفسه واجتيازه للاختبارات الخاصة، ولكن في المقابل وللأسف لا يوجد تطوير للحكام بالمفهوم الأكاديمي المتخصص المقدم لهم بشكل علمي ومدروس والذي يرتقي بهم ويرفع من مستواهم فكل ما هو موجود من محاضرات ونشاط ودورات وورش عمل هي شكلية وليست في مستوى الطموح، لذلك فإن فاقد الشيء لا يعطيه فلا يوجد هناك احتراف للحكام ولا يوجد لهم جمعية والحكم غير متفرغ والعائد المالي له لا يشجع وغير مقنع وهناك أمور كثيرة تقف ضده وحقوق أكثر تسلب منه، ومن هنا فالطموح مفقود ومقتول وبالتالي سوف تبقى إمكانياته محدودة كما هي بلا تطوير ولن يرتقي بمستواه وسيفقد شخصيته، الأمر الذي سيجعله بمستوى متواضع ومهزوز ومتردد وسيفقد حضوره وستزيد معها الأخطاء المؤثرة وسيتبعه حدة في الهجوم عليه وشن الحملات ومن كل اتجاه، لذلك فالتحكيم السعودي في أزمة. لأن العمل بشكل عام فيما يخص الحكام أشبه بالارتجال وقد يميل إلي الفردية والاجتهاد فالتحكيم لدينا سيبقى مشكله بل ومشكلة أزلية، ولن تحل إلا بوقفة عقلانية وصادقة من الجميع بدءاً برأس الهرم وحتى أصغر مشجع. وخلاصة الأمر أننا لا نشكك في ذمم حكامنا ولكن نعرف إمكانياتهم وبالتالي هل سينجح الحكم الوطني في ظل عدم وجود الثقة التي يطالب الكثير بمنحها له؟ والجواب معروف، ولذلك وقبل أن نبحث عن منحه الثقة وإعطائه الفرصة فلنطالب بحقوقه وتطويره والرفع من قدره ومكانته حتى نصل به إلي المأمول.