عندما يشق صوت المؤذن عنان السماء معلناً انتهاء يوم صيام جديد، ويشرع الصائمون في الإفطار تحمد «أم محمد» الله وتسأله قبول صيامها، وما ترسله إلى «خيمة إفطار صائم» كل يوم خلال شهر رمضان الكريم. و»أم محمد» تعتبر إعداد الطعام في بيتها كل يوم أحسن طريقة للحصول على الثواب كاملاً، فهي التي تختار الأصناف وهي التي تتفنن في صنعها بكميات كبيرة قدر الاستطاعة، ثم يحملها «محمد» ولدها ليذهب بها إلى المسجد القريب، ويساهم في ترتيبها في الخيمة الرمضانية الضخمة أمامه.. وتقول أم محمد «لقد اعتدت أن اطبخ إفطار الصائم كل عام منذ عشر سنوات تقريباً، وأشعر أنني وقعت على كنز حسنات، كما أن هذا العمل جمعنا حيث أدخل بناتي إلى المطبخ حتى يساهمن بدورهن في إفطار الصائم، وأحياناً تأتي صديقاتهن وبنات عمومتهن للمشاركة معنا، والحقيقة هي عادة طيبة نسأل الله أن يقبلها منا و يجعلها خالصة لوجهه الكريم. المطعم يكفي من جانبها تعتبر «أم إبراهيم» أن تفطير الصائم أحد أهم أوجه الثواب التي تحرص على المواظبة عليه خلال شهر رمضان المبارك، غير أنها لا تستطيع أن تطهو بنفسها، لذا فإنها تتفق مع أحد المطاعم الموجودة في حيها لكي يعدوا يومياً ثلاثين وجبة إفطار ويغلفونها ويرسلونها إلى خيمة الإفطار في ذلك الحي. وتقول: «بسبب طبيعة عملي لا استطيع أن أجد وقتا لطهي الطعام بنفسي، وكذلك زميلاتي في العمل؛ لذا نستعيض عنه بهذا الاتفاق المسبق الذي نساهم به جميعاً، وتتولاه واحدة مختلفة منا كل عام، ونحاول في كل عام أن نزيد عدد الوجبات على قدر طاقتنا، نسأل الله القبول». عند الإشارات أما السيدة موضي «أم سعد» فتعتبر أن إفطار الصائم ليس مرتهناً بالخيم الرمضانية فقط، وإنما هناك أيضاً الصائمون على الطرقات عند أذان المغرب، وهي ترسل أولادها الذكور كل يوم للطريق القريب يتوزعون عند الإشارات بأكياس الماء البارد، وعبوات التمر الصغيرة والعصير ليتم توزيعها على السيارات والمارة العابرين، وهي تعتبر أن ثواب إفطار الصائم ليس بأنواع الطعام، وإنما بشق الصيام وقت الأذان بلا تأخير، وتقول:»الحمد لله أن رزقني زوجاً صالحاً يشجعني ويشجع أبناءه على هذا الفعل كل عام و نسأل الله القبول». خيمة الحي ويقول الإمام «أحمد الرشود» إمام أحد المساجد التي تقدم إفطار صائم في وسط الرياض قال صلى الله عليه وسلم: «مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء»، و يضيف:» أن أهل الخير الذين يتولون إرسال الإفطار للخيمة كل يوم كفوه مؤونة التفكير في هذا الأمر أو القلق بشأنه»، مشيراً إلى أنه ما أن تصبح الساعة الخامسة بعد العصر من كل يوم حتى يبدأ أهل الخير من حينا في التوافد إلى الخيمة شيباً و شباناً يحملون الأنواع المختلفة من الطعام ويساهمون في ترتيب الوجبات وبعضهم يبقى معنا، والكثيرون يعودون لبيوتهم، والحمد لله تتميز خيمتنا بالتنوع الجميل في الأطعمة؛ لأن كثيراً من بيوت الحي يطبخون بأنفسهم، ولا يعتمدون على الوجبات الجاهزة من المطاعم، وهذه من السنن الحسنة التي تطبق كل عام، والتي تساهم في صنع أجواء رمضانية مميزة في الحي بأكمله.