تعتبر رغبة مجموعة دبي العالمية في بيع أصول ثمينة مثل موانئ دبي العالمية لخفض عبء ديونها المتراكمة خطوة جذرية يرى فيها المحللون أسلوبا تكتيكيا للمساومة بمثابة الملاذ الأخير. وكشفت وثائق حصلت عليها رويترز هذا الأسبوع عن الأنباء المفاجئة بأن دبي العالمية المثقلة بالديون ترغب في بيع «أصول استراتيجية» مثل موانئ دبي العالمية والمنطقة الحرة بجبل علي ومدينة دبي الملاحية في إطار سعيها لجمع 19.4 مليار دولار فيما تحاول التوصل الى اتفاق لإعادة الهيكلة مع دائنيها بحلول الأول من أكتوبر/ تشرين الأول. وبالكشف عن رغبتها في بيع هذه الأصول تعرض دبي العالمية على دائنيها ما يشبه بوليصة تأمين تضمن أن تبيع أصولا استراتيجية رئيسية في حال واجهت خطة إعادة الهيكلة أي متاعب. ولكن في واقع الأمر يقول محللون انه سيكون من المؤلم للغاية أن تتخلى دبي العالمية عن درر تاجها. يقول محمد ياسين المدير التنفيذي لشعاع للأوراق المالية «هذه قصص نجاح وهي بمثابة دعامة أنشطة دبي التجارية. «انها مطلوبة للغاية وبالتالي تعتبر الجزرة التي تضعها عند طرف العصا التي تسخدمها لحمل الدائنين على قبول شروطها». وبنت دبي نفسها كمركز عالمي للتجارة والأعمال خلال العقد الماضي لتصبح المقصد الرئيسي للاستثمارات الأجنبية بمشروعات عقارية وبنية تحتية طموحة. وتأثرت الامارة بشدة بالأزمة المالية العالمية مع انهيار سوقها العقارية في أواخر 2008. وأثارت دبي العالمية صدمة في الأسواق في نوفمبر/ تشرين الثاني حينما أعلنت عن خطط للتوصل الى اتفاق لتأجيل سداد واعادة هيكلة ديون قيمتها 26 مليار دولار. وعرض هذا سمعة دبي التجارية العالمية التي اكتسبتها بشق الأنفس وسيكون بيع رموز نجاحها وجزء رئيسي من اقتصادها بمثابة الضربة القاصمة. وقال شخص يشارك في عملية إعادة الهيكلة «وإذا ما بعت هذه الأصول تكون قد بعت دبي». ويرى محللون أن القيمة الرمزية لهذه الأصول حاسمة أيضا وقد يترتب على خسارتها تبعات سياسية. وذكر المؤرخ البريطاني كريستوفر ديفيدسون «سيترتب على هذا خسارة الكثير من الهيبة.. في تقديري ان الضرر السياسي حقا هو الذي يهم أكثر من أي شيء لان الحاكم فعل الكثير لحفظ ماء الوجه وإعطاء انطباع باننا سوف ننهض ثانية بسرعة وان العمل سيسير كالمعتاد». وتهيمن على دبي العالمية حكومة دبي التي يرأسها الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم الذي يتمتع أيضا بمصالح تجارية مباشرة في مختلف قطاعات الاقتصاد. وذكرت دبي العالمية في بداية مشكلة ديونها أن أصولا مثل موانئ دبي العالمية والأحواض الجافة العالمية لن تدخل ضمن خطط إعادة الهيكلة، ومع ذلك فان بيع أصول تضم أسماء كبيرة كانت دوما جزءا من الخطة بالرغم من ممانعة واضحة في البيع. وبموجب خطة إعادة الهيكلة الحالية سيأتي البيع المحتمل لهذه الأصول في نهاية فترة ثماني سنوات مخصصة لعملية البيع. يقول ياسين «انهم يأملون بجعل الأصول المحلية أو تلك التي لها وجود محلي في الجزء الأخير من عملية البيع ان تتحسن الأمور في هذا التوقيت وإذا ما حدث ذلك يمكنهم اعادة تمويل الدين». ومن غير المقرر بيع موانئ دبي العالمية التي فاقت نتائجها في النصف الأول من العام التوقعات حتى عام 2016 وحتى حينها يتشكك المحللون في بيع حصة أغلبية. وقال محلل يقيم بدبي «موانئ دبي العالمية من جواهر «حكومة دبي» واحدة من أفضل أصولهم أداء.. وهي تتناغم مع اسم دبي كمركز للتجارة والأعمال لذا لا أعتقد انهم سيتخلون عنها.. في أسوأ الحالات سيحتفظون بحصة أغلبية». وتتضافر عوامل من بينها غياب خطة بديلة واعتماد خطة إعادة الهيكلة على انتعاش الاقتصاد العالمي وتدهور قيمة محفظتها الاستثمارية العالمية في وضع دبي العالمية وبالتالي دبي في موقف لا تحسد عليه. وحتى اذا ما تمكنت الشركة من بيع جميع أصولها العالمية قبل أن يحل الدور على ممتلكاتها النفيسة فربما لا تساعد عائدات عمليات البيع كثيرا في سداد ديونها الهائلة مما يشير الى مدى نضوب قيمة أصولها الثمينة. ومعظم مكونات المحفظة العالمية لدبي العالمية كانت بأسعار قياسية قبل الأزمة المالية ومن بينها أصول مثل بارنيز لبيع السلع الفاخرة بالتجزئة وام.جي.ام ريزورتس انترناشونال لتشغيل نوادي المقامرة. ومن المتوقع أن تجمع استثمار ذراع الاستثمار المباشر لدبي العالمية والتي تملك معظم أصولها الخارجية ما يصل إلى 4.5 مليارات دولار في فترة خمس سنوات وفقا لأفضل تقديرات الشركة. ودفعت شركة انفينيتي التابعة لدبي العالمية نحو 2.2 مليار دولار مقابل حصة 5.9 في المئة في ام.جي.ام في أكتوبر/ تشرين الأول 2007 و4.8 مليارات مقابل استثمار في مشروعها سيتي سنتر في لاس فيغاس. واشترت انفينيتي حصتها في ام.جي.ام بمتوسط سعر بلغ 83.15 دولارا للسهم. وأغلق سهم ام.جي.ام عند 9.4 دولارات في بورصة نيويورك أول أمس الأربعاء. وإذا ما أخفقت دبي العالمية في جمع الأموال اللازمة فقد يسفر ذلك عن تدخل أبوظبي مرة أخرى لمساعدة جارتها. وقد يدفع البعض بان ذلك سيلحق ضررا بسمعة دبي لا يقل عن الضرر الذي قد ينجم عن بيع نفائس أصولها.