يظل الانسان حبيس رغباته التي لا تنتهي .. وتتجدد كل حين وتتغير مع مرور الوقت .. هناك من يكون أسير رغباته وهناك من يضع رغباته في الأسر ولا يفرج عنها بسهولة .. أحيانا تقودنا رغباتنا الى ما لا تحمد عقباه .. وأحيانا نعتاد عليها فتصبح نقطة ضعفنا التي نضعف تجاهها، ولا نستطيع أن نقاومها .. هناك من يجيد السيطرة على أحاسيسه ورغباته ومشاعره .. وهناك من تفلت منه الأمور ويعيش في فوضى عارمة. أذكر حكاية لشاب كان في مقتبل العمر .. مليئاً بالطموح والأمل .. عاقلا في افكاره وتصرفاته .. ملتزما في اخلاقة ومعاملاتة .. تعرض هذا الشاب لاختبار قاس حين توفي والداه في فترة متقاربة .. وتركا له ثروة كبيرة .. قرر الشاب أن يستثمر ثروته في مشروع تجاري .. وخلال سنتين ازدهر المشروع وكبر وتضخمت الارباح .. في تلك الأثناء تعرف على بعض الشباب من جنسية عربية .. وصاروا يزينون له الدنيا بطرق ملتوية .. وقادوه الى طريق الملذات وأدخلوه في سكك وعرة .. ظن أنه يجد ذاته فيها لأول مرة .. وصار أسيرا لكل الموبقات بلا استثناء .. أهمل أسرته وعمله ومشاريعه التي مثلما ازدهرت بوقت قصير انهارت بوقت أقصر .. وخسر أمواله وأموال أسرته .. وفي سبيل التعويض أغراه اصدقاؤه بالافكار الجهنمية .. تهريب المخدرات .. خاصة وأنه يعتقد بأنه لن يشك فيه أحد .. واذا وقعت الفأس في الرأس .. فهناك ألف من سينجده .. استسلم لرغابته الشيطانية .. وقام بعملية التهريب التي فشلت وقادته الى السجن المؤبد والسمعة السوداء طول العمر .. مرت سنوات .. ولا زال هذا الشاب مسجونا وقد دُمرت حياته. هذه حكاية من عشرات الحكايات التي نعرفها ونسمعها ونعيشها كل يوم .. حكايات لا تنتهي خلف كل باب ووراء النوافذ والشبابيك وفي كل بيت .. وحين يكون الانسان أسير رغباته وشهواته لا يمكن أن يسيطر على نفسه وذاته فيسقط في المحظور ، ويصبح فريسة لتلك الرغبات والمتع. لا يمكن أن يفقد الانسان عقله في سبيل نزواته .. لا يمكن أن تسيطر الرغبات والشهوات على حياتنا فتدمرها .. لا يمكن أن تتكرر المأساة دون أن يصحو الانسان من سباته ويكتشف سوء الخاتمة التي بانتظاره. هناك من يدفع ثمن خطئه غاليا .. وهناك ذنوب تطاردنا طوال حياتنا .. وهناك خطأ يلازمنا فلا ينفك عن حياتنا ويصبح عادة وسلوكاً .. وهناك بشر لا يستسلمون ابدا ويقاومون الغرائز والرغبات والشهوات وينتصرون عليها. الحياة مليئة بالمتع الايجابية التي لا تضر ولا تؤذي .. لكن هناك من لا يستمتعون الا بالشر والأذية والحرام .. نعم الله كثيرة أهمها القناعة والذكاء الانساني في اختيار الطريق الذي يريد الانسان أن يسلكه .. وفي الصورة الذهنية التي يريد أن يكون عليها أمام نفسه قبل أن تكون أمام الناس .. خاصة وأن هناك من يجيدون ارتداء الاقنعة في كل مناسبة .. وتجدهم في كل وقت بقناع وشخصية مختلفة ومتناقضة .. يمكنك أن تخدع الناس جميعا وتتجمل أمامهم .. أما نفسك فلا يمكن أمامها إلا أن تكون كما أنت .. ودمتم سالمين.