هل نفرح أم نحزن عندما نقرأ بأن عدد الأثرياء في المملكة قد ازداد خلال عام 2009م بنحو 14,3 في المائة، وأن عددهم يصل حالياً إلى حوالي 104.700 من حوالي 91.600 في عام 2008م حسب تقرير الثروات العالمي السنوي الرابع عشر الذي أعلنته مؤسسة ميريل لينش؟! وبحسب ذلك التقرير فقد ارتفع عدد الأثرياء في الشرق الأوسط ليصل إلى حوالي 400 ألف ثري تصل ثرواتهم إلى 1.5 تريليون دولار .... ولكن ماذا قدم أولئك الأثرياء إلى مجتمعهم السعودي من حيث الإسهام في العمل الخيري وتوظيف العمالة السعودية؟! لقد كانت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – قبل عدة سنوات للأحياء الفقيرة في الرياض نقطة تحول في النظر إلى مشكلة الفقر، بل إنها تمثل مؤشراً مهماً لضرورة مواجهة الفقر والبطالة في المجتمع السعودي. ولا شك أن الإسلام هو دين التكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء والتكافل الاجتماعي من أهم أسس الاقتصاد الإسلامي لمواجهة مشكلات الفقر والبطالة، والتي تؤدي إلى زيادة عدد الفقراء والمحتاجين وما يتبع ذلك من مشكلات كثيرة .... وهناك حوالي مائتيْ آية في القرآن الكريم تحث على الإنفاق سراً وعلانية، بالليل والنهار، كما أن الأحاديث الشريفة تُجمع على أن الصدقة تطفئ غضب الرب وتسبغ الرضا على الإنسان. وهناك أشياء أخرى جعل الله كفارتها بذل المال كالحنث في اليمين والقتل الخطأ. إن مسؤولية الدولة وأجهزتها المختلفة تأتي في الدرجة الأولى لتقليص مساحات الفقر والوصول إلى المحتاجين، ولكنّ للأثرياء من رجال أعمال وغيرهم دوراً لا يقل أهمية عن دور الدولة في مساعدة المحتاجين ودعم تدريبهم وتأهيلهم وتوظيفهم فإذا علّمنا المحتاج والفقير اصطياد السمك بدلاً من إعطائه سمكة كل يوم، فإن المبالغ الخيالية لدى الأثرياء يمكن أن يقتطع منها بعض التبرعات لإقامة المستشفيات وتدريب الشباب على المهن المختلفة التي تقيهم عوز الحاجة، وتحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم. ولو نظرنا إلى أثرياء الغرب لوجدنا أمثلة كثيرة لإسهامهم الفاعل في إنقاذ مجتمعاتهم من الفقر والبطالة والأمراض. فالملياردير بيل غيتس يتبرع سنوياً بحوالي 700 مليون دولار لبحوث السرطان بالإضافة إلى تبرعات أخرى تقدر بالمليارات، أما الملياردير وارن بافيت فقد أوقف ثروته بعد وفاته للأعمال الخيرية. أما في المملكة فهناك الأعمال الخيرية الرائدة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ولبعض الأمراء والأثرياء، ومع ذلك فلا زال المجتمع السعودي يطلب المزيد من إسهام أثريائنا السعوديين من أجل مستقبل أفضل لمملكة الخير والإنسانية....