في السابق كانت معظم الأعمال الشاقة في القطاع العام والخاص كوظائف الأمن والمراسلين والسائقين ومأموري السنترال وغيرها من الخدمات العامة يقوم بإنجازها السعوديون كمستخدمين على بند الأجور ويتقاضون رواتب تناسب جهدهم، وكانت الأعمال تنجز بأعلى مستويات الإتقان، حيث يتقاضى الموظف راتبا يكفي مصاريفه اليومية التي تناسب ذلك الوقت، لكن في وقتنا الحاضر قامت بعض المؤسسات العامة والخاصة بإسناد جميع هذه الوظائف إلى مقاول متعاقد معه بحجج متعددة حسب متطلبات الجهة، وأخذت بعض المؤسسات العامة والخاصة كالمشرفين على المال والنقد، والبنوك، وشركات الاتصالات وغيرها، تتسابق للتخلص من الموظفين العاملين على تلك الوظائف وبهذا أصبح المواطن هو الضحية. وعلى الرغم من العقود الحكومية الضخمة التي تعطى للمقاول إلا أنه المستفيد الأكبر، حيث يقوم بتوظيف سعوديين أو غيرهم برواتب متدنية بينما هو يتقاضى عن كل وظيفة مبلغا وقدره، إلى جانب تلاعبه بالأجور ونسب السعودة، مدعيا عدم تقدم أحد للوظائف من المواطنين، وإذا كان هذا صحيحا فهو بسبب تدني الأجور التي لا تزيد على 1500 ريال في الشهر والتي لا تتناسب مع أدنى متطلبات الحياة اليومية للمواطن، ولا تكفي حتى لمصاريفه الأساسية من أكل وسكن أو فواتير، فيما يتم تعيين الأجانب على هذه الوظائف مما ينتج عنها خدمات رديئة. لقد ظهرت الكثير من المشاكل بعد إسناد هذه الأعمال للمقاول والتي تكمن في تدني الأجور، وتذمر الموظفين منه إما بتأخير الرواتب أو عدم الترسيم إضافة أنه لا يوجد تأمين صحي لهم وإمكانية الاستغناء عنهم في أي وقت، لذا أصبح الكثير من المواطنين من موظفي هذه المؤسسات يعاني من عدم وجود الأمن الوظيفي، باعتبار أنهم يعملون تحت رحمة المقاول المتعاقد معه لا تحت مظلة القطاع العام أو الخاص. لا شك أن هناك ضحايا ومتضررين من تلك الأنظمة والسياسات التي يتعامل بها المقاول مع المواطنين، فهل تكون هناك وقفة حازمة من قبل وزارة العمل لصالح المواطن، حيث يطالب موظفو الخدمات العامة والخاصة بتوقيع العقد معهم مباشرة لا مع المقاول، والعمل على تثبيتهم على وظائف رسمية وبرواتب مجزية تكفي متطلباتهم الشهرية. فالمؤمل من وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية القيام بمسؤولياتهم وذلك بالتشديد على توطين الوظائف لدى القطاع العام والخاص ودعم السعودة والاعتماد على العمالة الوطنية المدربة، والاستغناء عن العمالة الأجنبية ووضع حد أدنى للأجور، وحث القطاع العام والخاص وخاصة المشرفين على المال والنقد، على توظيف السعوديين مباشرة فهم الأحق بخدمة وطنهم، والأحق بأن يُكفل لهم الأمن الوظيفي. * مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية