صدر لعبدالله بن علي النعيم كتاب بعنوان ( دور القطاعين العام والخاص والجمعيات الخيرية في تفعيل المسؤولية الاجتماعية: نماذج من المملكة العربية السعودية) في تسع وسبعين ومئتي صفحة من القطع الكبير، ضمنها النعيم أربعة فصول، حوى كل منها العديد من المباحث التي أوردها المؤلف قاصدا فيها الإلمام بجوانب الأفكار في شمولية علمية، وتتبع منطقي، وتسلسل منهجي اتسم بجدة البحث، وجودة الطرح، وعمق الأفكار، إلى جانب يسر العرض وحسن تبويب الموضوعات وتصنيفها. وقد جاء هذا الإصدار من منطلق شغف مؤلفه بالأعمال التطوعية منذ وقت مبكر من حياته،ومتابعته المستمرة ما يقع بين يديه وما يصله بين الحين والآخر حول الأعمال التطوعية والإسهامات الخيرية، الأمر الذي جعل من النعيم أن يكون أحد المنخرطين في الأعمال الخيرية كلما أتيح إليها فرصة، وسنحت إليها مشاركة..إلا إن إنشاء مدرسة مكافحة الأمية الخيرية بعنيزة أوائل السبعينيات من القرن الهجري الماضي، بمعاونة كوكبة من مدرسي المدارس الابتدائية بعنيزة..فكانت بمثابة بوابة العبور لتعلق المؤلف بالعمل الخيري، وزيادة اهتمامه بالأعمال التطوعي، لتزداد دائرة الاهتمام، وتتسع مساحة الانخراط في هذا المجال الخيري، مما أذكى معرفة الكاتب بالأعمال التطوعية وأهلها، وزاد من الاتصال والتواصل بالناشطين في هذه الأعمال الخيرية محليا وخارجيا. إن ما يتميز به النعيم في هذا المضمار الحيوي الاجتماعي الهام، هو اهتمامه وشغفه الذي ازداد يوما بعد آخر تجاه القراءة والبحث والإطلاع على ماهية المسؤولية الاجتماعية، بوصفها نوعا من أنواع الأعمال التطوعية، حيث كان اهتمامه منصبا على هذا المضمار في المملكة وخارجها، عبر ميول من جانب والإقبال على المشاركة فيها من جانب آخر. وعن دور القطاعين العام والخاص والجمعيات الخيرية في تفعيل المسؤولية الاجتماعية،يقول النعيم: المسؤولية الاجتماعية نوع من الأعمال التطوعية، يقوم بها الأفراد والجماعات والجمعيات والمؤسسات والشركات..وإذا كان العمل التطوعي في بلادنا وبلدان أخرى يهتم كثير وكثيرا جدا – إلى جانب اهتمامات أخرى – بالغذاء والكساء وتأمين العلاج للمحتاجين ، وهو عمل خيري ومحمود، لكنه لا ينمي العقل ولا يهتم به ويفتح مداركه، ولا يسعى إلى تشجيع العمل ودعم الأفراد والسر المنتجة لتعتمد على نفسها وتنتج، وقد تتقدم في إنتاجها لتعيش حياة بمستوى أفضل، وتحفظ كرامتها وكرامة أبنائها..كما أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يسعى إلى ذلك ويفتح للمؤسسات والشركات والجمعيات والجماعات والأسر والأفراد، نوافذ العمل وإمكانية التقدم المرضي، وهو ما نبحث عنه ونسعى إليه، ويسعى إليه محبو الخير وأهل الصلاح والفلاح، ولا تقف مسؤولية القطاع الخاص الاجتماعية عند التبرع بالمال فحسب بل تتعداه إلى الشراكة الشاملة في التنمية والتدريب والتأهيل، إلى جانب بناء القدرات وخلق الوظائف.. وقد تناول النعيم في الفصل الأول جملة من الموضوعات التي استهلها المؤلف بمفهوم المسؤولية الاجتماعية وتعريفاتها ومبادئها الأساسية وإطارها التشريعي، أما الفصل الثاني فقد جعله الكاتب عن دور الدولة في المسؤولية الاجتماعية، وذلك من خلال العديد من الموضوعات التي استعرض فيها جهود الحكومة أو القطاع العام في هذا المجال، وذلك من خلال دور وزارة الشؤون الاجتماعية وإداراتها في المسؤولية الاجتماعية، حيث طرق الباحث دور الوزارة عبر مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي، مراكز التنمية الاجتماعية ولجانها، الجمعيات التعاونية، المؤسسة السعودية للتعليم والتدريب، صندوق المئوية، لجان التنمية الاجتماعية في الأحياء من منظوري الدور والأهداف، إلى جانب عدد من الجهات التي أوردها المؤلف في هذا السياق كبرنامج الأمان الأسري الوطني، مشروعات الدولة للإسكان الشعبي..إضافة إلى عدد من التجارب في هذا الميدان الخيري التنموي. أما الفصل الثالث فقد وسمه الكاتب بالمسؤولية الاجتماعية لدى الشركات والمؤسسات، وذلك عن طريق عرض لنقد قانون المسؤولية الاجتماعية، وطبيعتها ونوعها تبعا لقطاع الأعمال، إلى جانب ما أورده النعيم من نماذج لتطبيقات المسؤولية الاجتماعية لدى بعض المؤسسات والشركات في المملكة، التي أورد منها المؤلف شركة الاتصالات السعودية، برامج شركة عبداللطيف جميل، برامج تواصل أرامكو السعودية مع المجتمع..وصولا إلى آخر فصول الكتاب الذي جاء بعنوان: دور المؤسسات والجمعيات الخيرية في المسؤولية الاجتماعية، وذلك من خلال مصادر دعم العمل الخيري، ومن خلال مجالات الخدمات التطوعية، والتي أعقبها الكاتب بسبعة عشر نموذجا ضمنها هذا الفصل، ضمن نماذج من بعض الجمعيات الخيرية ودورها في المسؤولية الاجتماعية في المملكة، والتي أورد منها النعيم، مؤسسة الملك فيصل الخيرية، مؤسسة الأمير سلطان الخيرية، مركز الأمير سلمان الاجتماعي، مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية.. لقد درس النعيم واقع دور القطاعين العام والخاص والجمعيات الخيرية في تفعيل المسؤولية الاجتماعية عبر ما تطرق غليه من نماذج في بلادنا، بأسلوب تميز بسعة الأفق، وشمولية الدراسة، وعلمية المنهج، وجدة المعلومة، وجديد العرض، وعمق الرؤية فيما حواه الكتاب عطفا على مقومي النجاح واللذين تمثلا في سعة إطلاع البحث بحقل مؤلفه من جانب، وميوله وإسهامه والانخراط فيه من جانب آخر، ليقدم معلومة مبوبة وموضوعات مصنفة، مزودة بالجداول التوضيحية والأخرى الإحصائية، التي تؤكد ما قدمه الكاتب من جهد اتسم بجمع المعلومة وتحقيقها وتدقيقها ليقدمها بعد ذلك بأسلوب سهل ممتع ممتنع.