لدينا صور متناقضة مضحكة.. لا يمكن أن تلتقي على مضمون متقارب.. التباعد، وليس التقارب، يجعلك تجزم أن صاحب التصور الديني والاجتماعي (أ) لا يتقارب أبداً مع صاحب التصور الديني والعلمي الاقتصادي (ب).. وهذا يعني أنه لا يوجد تفاهم مشترك.. لا يوجد تماثل في نوعيّات التعليم، وبالتالي يوجد انفصام في نوعيّات أهداف التوجهات العلمية والاجتماعية.. يحدث في كل مجتمع أن تكون هناك اختلافات مفاهيم وثقافات بل وممارسات اجتماعية.. بالطبع في العالم الثالث.. فعلى الأقل القبيلة الموجودة في شمال النرويج لا ينضوي أفرادها خلف انتماء «شيخ شمل»، لأن شمولية المواطنة تجعل الجميع ينتمي إلى الدولة.. لكن التباين وربما الصراعات تحدث في العالم الثالث، وبالذات العالم العربي الذي ربما صنف لاحقاً بالعالم الرابع وكذا معظم دول أفريقيا.. لأن عدداً من دول آسيا تشهد متغيرات اقتصادية وعلمية جيدة.. نحن أيضاً نشهد ذلك.. بل نعيش سخونة وفرح توجهاته.. لكن كيف يعمّ هذا الفرح الكل السكاني في بلادنا.. التناقض يتّضح في أشياء كثيرة.. مثلاً: الاختلاط المشروع.. هناك مَنْ يعتقد بخطأ رئيس تحرير اجتمع بصحفية أجنبية أو مسؤولة في سفارة أوروبية، ولا يدري، ولست أعرف كيف لا يدري، عن تعدد المعلومات والصور عما هو مجهول في ذهنه.. أليس لدينا عضوات في مجالس الغرف التجارية؟ أليس لدينا عضوات مؤثرات أيضاً في كثير من لجان وإدارات مناسبات بعض الاجتماعات محلية أو دولية؟ أليس يسافر من جامعاتنا مدرسون ومدرسات يحضرون ويتحدثون في اجتماعات مشتركة؟ هل عندما يذهب المتديّن المنعزل إلى أي مستشفى أليست الممرضة هي مَنْ تنفذ معه وحدها الفحص الأول قبل حضور الطبيب؟ أليس ما يقارب ثلث العاملين في الطب داخل أي مستشفى من النساء الكاشفات الوجه وليس هناك ما يمنع أن تمارس بعضهن فحوصاً علمية لرجال؟ عند أخذ بعض صور الأشعة المتنوعة أليست النساء مَنْ يفعلن ذلك غالباً؟ في لندن أليست تمثلنا سيدة سعودية في موقع قيادي بغرفة التجارة السعودية البريطانية؟ ألم تعمل إحدى السيدات عضواً إدارياً في جريدة الوطن؟ أليس في عضوية إدارة هيئة الصحفيين سيدتان تحضران كل اجتماع؟ ألم تحصل طبيبات مبدعات على تكريم معلن ومقدّر من الجميع؟ ألا تتواجد في أمريكا باحثة سعودية فاقت الأمريكيات هناك؟.. عندما أتأمل هذا الغياب عن فهم حقائق الواقع وفوائده ومشروعيته مثلما هو الأمر في المجتمعات الإسلامية الأخرى لأننا لسنا وحدنا مَنْ ينفرد بالإسلام.. أجد أن أمامنا شاهد صارخ عن غياب الوعي بل عن غياب أهميات الواقع فيما يخص المجتمع أنك لن تمر بمسجد جمعة فتجد أن الخطيب قد أدرج عبارات تقدير للعلم وتطوره أو مباركة لشواهد التطور أو اعتراف بفضل (هجين) النسب البترول برجاء أن ترتفع أسعاره وأن تتنوع فوائده.. هذا لا يحدث..