يعيب الفتى سدى الأمور الدقايق والغدر باقلاد العهود الوثايق ونقل الوشايا بين الاجواد عيره ودفن الحساني من كبار اللوايق وعلمٍ لفاه الكذب عيب الى بدا حديث الرجال بما يقولون صادق من يعطي السفاه قصيا سدوده فعيبه فضيحٍ بين كل الخلايق ومن يسحب أردان القميص إلى سرى جنح الدجى يتلي سكيك المفارق يعس جاراته إلى نامت الملا فيلبس ثوب النيل ضاف البنايق ومن باش بالوجه عند قبيله وقلبه سقيمٍ من لجا الغيض ضايق وأعظم من ذا لابةٍ كنت انا لهم أمينٍ على كتمان الأسرار حاذق ما شق بهم ما حم بالنبت شاربي الى حيث لاح الشيب بالوجه لاهق لا صابهم خطبٍ من الضد بت انا على نار حامي مرضفات الحرايق اطاعوا شياطينٍ غواتٍ تولفوا نفايا من أنذال البرايا لفايق يقولون ما لا صار مني ولا طرى علي ولو أمسي بدارٍ مفارق محاما عليهم لو بدا منهم الجفا ولا أرى معاديهم بلحظ الروامق ثلاثين عامٍ كنت انا راغبٍ بها وذا اليوم حبله من حبالي طلايق الى عاد فيها قاصر الشبر طايل وفيها كديش الخيل بالطرد سابق اجل عنك بعناها برخص الى بقا به الديك يمشي مشية التيه مايق وتلقى بها خرب الرعالي موكر وطير القطامي للقطا ما يسابق تشوف بها عوج المناقير تعدي على الحر تلقى مخلبه فيه عالق اجل عنك بعناها برخص ولا لنا شفاةٍ بها فالوجه غالي ونافق أهلها شغاميمٍ عصاةٍ على العدا عفافٍ عن الجارات غر المفارق فلا تحسبون اني شفيٍ بربعها ولا شاقني فيها من الناس شايق يكون مقدمهم فهودٍ مخيله زمانٍ مضى عندي عزيزٍ ونافق ألين بقى يصغي للأوباش رأسه ويتبع لأقوال الوشاة النمارق فالأبعاد عن دار الهوان معزه فلا نافقٍ عندي سوى العرض نافق وصلوا على خير البرايا محمد عدد ما طلع نجم وما ناض بارق الشاعر: هو ابن دلوه وفق ما جاء في مخطوط لجامع مجهول "مما قال ابن دلوه" ولم أجد أن أحداً من جماع الشعر أورد هذا النص، أو أورد نصا آخر لشاعر بهذا الاسم، ولكن من لغة النص وأسلوب الشاعر يتضح لنا انه شاعر قديم ربما يكون من أهل القرن الحادي عشر، أو الثاني عشر الهجري، كما يتضح لنا من دلالة الأبيات انه مستقر في قرية وليس من أهل البادية: ومن يسحب أردان القميص إلى سرى جنح الدجى يتلي سكيك المفارق يعس جاراته إلى نامت الملا فيلبس ثوب النيل ضاف البنايق كما يبدو من النص انه كان ذا شأن في قومه، رئيساً أو ما شابه، وقد تركوه بعد أن كبر، ومالوا إلى الغرباء: وأعظم من ذا لابة ٍ كنت انا لهم امينن على كتمان الاسرار حاذق ما شق بهم ما حم بالنبت شاربي الى حيث لاح الشيب بالوجه لاهق لا صابهم خطب ٍ من الضد بت انا على نار حامي مرضفات الحرايق اطاعوا شياطين ٍ غوات ٍ تولفوا نفايا من أنذال البرايا لفايق دراسة النص جاء النص في مخطوط قديم لجامع مجهول وتبلغ أبياته خمسة وعشرين بيتاً وقد بدأ الشاعر قصيدته متحدثاً عن ما يعد عيباً في الرجولة من الغدر والنميمة والكذب، مؤكداً انه من العيب ان يفضي الرجل بسره إلى السفهاء، فإنما هو يفضح سره، وينشره على الملأ، كذلك من العيب أن الرجل لا يراعي حرمات جيرانه، ولا أعراضهم، أو ان يظهر المودة وانبساط أسارير الوجه لجليسه، بينما يخفي الحقد والحسد في قلبه، فهذه جميعها عيوب لا تمثل أخلاق الرجال. الا ان العيب الأكبر هو ما وجده في بني قومه الذين كان شاعرا حافظاً لأسرارهم، ولم يسع فيما يفرقهم او يشق عليهم، مذ كان غلاماً، لم يخط شارباه إلى إن أصبح كبيراً يكسي وجهه الشيب، فقد كان يهتم بشأنهم وينافح عنهم ضد الأعداء، ومع ذلك فقد تركوه واتبعوا الغرباء الذين ليس لهم أصل في بلدانهم، ويعدون من أراذل الناس، وقد سعوا بالنميمة بينه وبين بني قومه، حتى استمالوهم عليه، وتقولوا عليه ما لم يقل، وهو لا يتوقع أن يصدر منه شيء من هذا القبيل، حتى ولو اضطر إلى ترك الديار دفاعاً عن قومه. ومع ما يلاقيه منهم فقد مكث فيهم ثلاثين عاما، وهو في هذا الشأن، وأتى اليوم الذي يتركهم وشأنهم بعد أن رأى أراذل القوم تقدم على كرامها، مشبهاً ذلك بسبق (الكديش) للخيل الأصيلة، ولا يرغب في الديار طالما ان الديك، وهو الرئيس الجبان، يمشي تيهاً في بلده، وأن الخرب (ذكر طائر الحبارى) يقدم على الصقر الحر؛ كناية عن علو شأن الرويبضة، مؤكداً انه سيترك الديار حفاظاً على ما تبقى من ماء الوجه، بعد أن كان أهلها بيض الوجوه، وأهل شرف وعفة، وفيهم شيم الرجال، فقد أصبح لا يرغب البقاء في دار الهوان، بل إن الابتعاد عنها هو العز بعينه، وليس اعز على الإنسان من عرضه وشرفه.