بعد أن كان أعضاء اتحاد النقد الخليجي على قاب قوسين أو أدنى من إصدار عملتهم النقدية الموحدة في ظل سوق اقتصادية مشتركة تم تأجيلها في أضواء تدهور قيمة اليورو ووصولها إلى أدنى مستوى لها منذ 4 سنوات بسبب ديون اليونان وبعض دول الاتحاد، وهذا قرار حكيم لإعادة حساباتهم من اجل الاستفادة من هذه الأزمة وتحصين عملتهم ضد أي مخاطر محتملة قد تكون مشابهة لها. فهنا نطرح بعض الأسئلة، لو واجهة إحدى دول الوحدة النقدية الأربع (السعودية، الكويت، قطر، البحرين) نفس مشكلة اليورو كيف سوف يتم دعمها؟ هل سوف يوجد مخرج لمن يرغب الخروج؟ هل سوف يتم التنازل عن بعض السلطات السيادية من اجل اتخاذ القرارات الحاسمة لضمان استقرار العملة؟ إن أزمة الديون اليونانية والخوف من تأثير (الدومينو) بتوالي الانهيارات في بعض دول الاتحاد الأوروبي الواحدة تلو الأخرى خاصة البرتغال وايطاليا واسبانيا، يهدد استقرار عملة اليورو التي تظم 16 دولة، بينما اتحاد السوق الأوروبية المشتركة تضم 27 دولة. فقد كشفت هذه الأزمه عن مدى هشاشة الاتحاد النقدي الأوروبي الناتج من التباين في القدرات الاقتصادية والمالية بين دول الاتحاد، حيث إن الأداء الاقتصادي والمالي لبعض الأعضاء لا يرقى إلى مستوى دول مثل ألمانيا وفرنسا. مما انعكس هذا التفاوت على الوضع الحالي وسوف يستمر في المستقبل الذي بدوره سوف يضعف استقرار اليورو وقد لا يحفز بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل بريطانيا على الانضمام إلى هذا الاتحاد، خوفا من المخاطرة المرتبطة باقتصاديات بعض دول الاتحاد. إذا أمام دول الاتحاد النقدي الخليجي اختيارات محدودة أما أن تربط عملتها بالدولار أو أن تربطها بسلة من العملات يحضى الدولار بالنسبة العظمى منها وهذا لا يختلف كثيرا عن الاختيار الأول، بعد أن أصبح اليورو عملة يصعب الثقة فيها وقد لا يكون قرارا استراتيجيا سليما ليمثل نسبة كبيرة من تلك السلة، هكذا برهنت أزمة اليورو الحالية على أن اقتصاديات بعض أعضائه يهدد استقرار تلك العملة ويجعلها غير جاذبة للاستثمارات عند مقارنتها بعملة الدولار الذي يتربع على اكبر اقتصاد في العالم وبدون اتحاد. فمازال الدولار عملة الاحتياطات الأجنبية، حيث إن البنك المركزي الصيني يملك اكبر احتياطي في العالم الذي ارتفع إلى 2.447 تريليون دولار في مارس 2010م، بينما اليابان يمتلك 990.5, 428 مليون دولار في ابريل 2010م, والاتحاد النقدي الأوربي 668,428 مليون دولار في فبراير 2010م. والسعودية 415.4 مليون دولار في 2010م. علما أن الدولار لم يتعرض إلى أية هزة خطيرة منذ الحرب العالمية الثانية لاعتماده على اقتصاد صناعي متنوع ومتطور، حيث إن نسبة إجمالي الناتج الأمريكي من إجمالي الناتج العالمي بلغت 21% (14.6 تريليون دولار) في 2007م وحافظ على نفس النسبة في 2008م وانخفض طفيفا إلى 20% (14.26 تريليون دولار) في 2009م، أي انه حافظ على نفس النسبة رغم الكساد الذي تعرض له، بينما إجمالي دول الاتحاد الأوروبي بلغت نسبتها 22% في 2007م واستقرت على 21% في عامي 2008م و 2009م. إن الأهم أن تكون السياسات النقدية مرتبطة بالسياسات المالية والاقتصادية وبشروط ملزمة ومنظمة مع وضع البدائل في حالة مخالفة أي عضو لتلك الشروط حتى لا تتعرض العملة الموحدة إلى عدم الاستقرار وفشل أهدافها. وعلى البنك المركزي الخليجي متابعة مدى التزام الأعضاء بالمعايير والأسس التي يرتكز عليها قيام تلك العملة. إن هذا ينذر من انضمام اليمن إلى تلك العملة الموحدة أو الى المجلس في الفترة القادمة، لعدم تجانس مؤشراتها الاقتصادية مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الشبه متجانسة في عوائدها ومؤشراتها الاقتصادية وتتميز جميعها بقلة عدد السكان بخلاف السعودية. كما أن عدد سكان اليمن يقارب 20 مليون نسمة وبمعدل نمو سنوي يتجاوز 3%، ما يشير إلى تدهور أوضاعه الاقتصادية مستقبليا مع ارتفاع الطلب على الخدمات العامة والبطالة في ظل سوء استغلال الموارد الاقتصادية وضعف المؤسسات المالية. * عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية * عضو الجمعية المالية الأمريكية