قضى عمره في رصد الاكتشافات العلمية التي ينجزها العلماء في الغرب والشرق والتي تبثها وسائل الإعلام كل يوم تقريبا ، كان يعتقد أنه سيوقظ أمته الإسلامية أولا والعربية ثانيا ، يجيد عددا من اللغات ويجيد استخدام الحاسوب بطريقة مدهشة لنا نحن الذين دخلنا هذا العالم في عمر متأخر . وضع في البداية ملفا لكل علم من العلوم ، لكن العلوم تتكاثر وتتنوع ، وهو لا يتوانى في متابعة كل المستجدات إلى أن أنجز ما يعتقد أنه كفيل بإيقاظ الأمتين أرسل منجزاته لكل الحكومات والمنظمات العربية والإسلامية في الداخل والخارج ، لكن الداخل مشغول والخارج مشغول بالداخل . لم يتوقف أبدا بالرغم من يأسه من كل شيء . بل إن هذه المهمة اليومية أصبحت وجعاً يتجرعه صباحا ومساء . خشي أن يرهن حياته لهذه المهمة الخاسرة ، فهو لم يتزوج ، ولا يغادر بيته إلا نادرا ، ولم يعد يقرأ أو يكتب كما كان يدعو شيخه في الطفولة . جمعته الصدفة بذلك الشيخ في العاصمة الأوروبية التي منحت كلاً منهما حياة كريمة بعد أن نفاهما النظام البائد ولم يكن النظام القائم بأقل بشاعة من سلفه . جمعتهما مظاهرة حاشدة من أجل غزة أيام الاجتياح الإسرائيلي الذي لم يتوقف بعد . كان شيخه وقورا كعادته ، أخبره الفتى بمشروعه ، اختار المدهش من المنجزات العلمية التي رصدها لكي يختبر ردة فعل شيخه الذي بدا غير متحمس لهذه الثرثرة . آلمه موقف الشيخ الذي اكتفى بقوله تعالى " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ، لم يدرك ما إذا كان الشيخ يعني المسلمين تحديدا أم أنه يعني الإنسان في المجمل وهو ما تعنيه الآية الكريمة . سأل الشيخ ماذا يعني ، اختفى الشيخ بين المتظاهرين وهو يدعو لتلميذه بالخلاص ..