دائما ما يصاحب أي تعليم في أرجاء الأرض ، القيم والمبادئ والتربية المبنية على فلسفة الدولة وثقافة المجتمع,إننا نحن المسلمين - ولله الحمد والمنة - نعتبر الأخلاق والقيم من ركائز التربية الإسلامية , والتي تدعو إليها وترغب فيها ، فالقدوة الأول في ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). إن تعليمنا في والوقت الحالي يشهد حراكاً من التطوير في المناهج الدراسية بمختلف تخصصاتها بدءاً بالعلوم والرياضيات ومواد التربية الإسلامية ومواد اللغة العربية والتربية البدنية والفنية وغيرها, ويقابل هذا التطوير في المناهج بعض التدني في الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة والقيم والمبادئ الحميدة , ففي قاعة الصف مثلاً يلاحظ تتناقص احترام التلميذ لمعلمه يوماً بعد يوم ، أضف إلى ذلك عدم إتباع الطالب لتوجيهات معلمه والتي هي في مصلحة الطالب قبل غيره , أما خارج المدرسة حدث ولا حرج ، فكم سمعنا عن معلم أدخل المستشفى لاعتداء طلابه عليه , وكم قرأنا عن سيارة معلم محطمة بفعل طلابه, إضافة إلى ما يقوم به الشباب في الأسواق والمتنزهات والأماكن العامة من ارتداء لبعض الملابس غير اللائقة أو قصات القزع وغيرها الكثير والكثير ، والذي لا يليق بنا نحن المسلمين ولا يليق بشبابنا عماد الأمة وباني نهضتها ومن سيتحمل مسؤولية المحافظة على مكتسبات الوطن . أين القيم أين الأخلاق؟ أين التربية الصالحة للبيت والمدرسة؟ يجب أن نتدارك ذلك مستدلين بقول الشاعر أحمد شوقي : (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا ) وبناء على ما ذكر أنفا ، فإنني أتمنى أن تحظى القيم والأخلاق بالتأصيل والتعزيز من خلال المقررات الدراسية المختلفة سواء كان ذلك بمقررات منفردة أو دمجت بشكل بارز حيث إن هناك تلازماً كبيراً بين التعليم والتربية ترتكز على الأخلاق والقيم والمبادئ , فالتعليم هو الحقل المناسب لترسيخ الأخلاق والقيم الإسلامية المتوافقة مع تطلعات المجتمع المسلم. إن العملية التعليمية متلازمة بالتربية وتعملان معاُ ، لتنمية شخصية الطالب معرفيا ومهاريا ووجدانياً بالإضافة إلى أخلاق وقيم تمكنه من التعايش مع ثقافتهم وفهم الثقافات الأخرى . إن المتأمل في أخلاق وقيم طلاب مدارسنا على مختلف المراحل قبل عشرين عاما وأخلاق وقيم طلابنا في الوقت الحالي حتما سيدرك الفرق والتحول في تدني الأخلاق وضعف القيم . إن المسؤول الأول عن تعليم الأخلاق والقيم بعد الوالدين هو المدرسة والمعلمون أنفسهم , ولذلك يجب على الجميع التكاتف والوقوف بجد وحزم في وجه هذا التدني وذلك الضعف ، الذي ساعدت عليه القنوات الفضائية والانفتاح غير المتزن على الحضارات الأخرى ، والذي يعزى في ظاهره إلى التطور والتقدم وهو في حقيقته إلى غير ذلك تماماً . إنني اطرح تلك الدعوة من محب غيور على وطنه وأمته ، للتربويين والمفكرين والمسؤولين على التربية والتعليم لدراسة هذه الظاهرة بشكل جاد لإيجاد الحلول المناسبة لها , والله من وراء القصد.