خلال الأيام الماضية وفي رحلة خارجية, وخلال إجراءات العودة, استوقفني أحد المواطنين السعوديين الذي كان أيضا في نفس رحلة العودة, وخلال فترة الانتظار لإقلاع الطائرة, فتح عدة حوارات ونقاشات كان يصل لدرجة الاحتقان من الوضع السائد لدينا, وخلال حديثه طرح سؤالا مباشرا «كم بقالة يملكها السعوديون» أو من يعملون بها؟ وكم عدد السوبر ماركت أو «البقالات» التي يملكها المواطن؟ وكانت إجابتي حاضرة «لا معلومات لدي» ولكن الواضح أنهم مقيمون أجانب وتوضع لوحات إعلانية للمحلات بأسماء رجال ونساء سعوديين هم آخر من يعلم عنها في معظمها. فرد علي محاوري على أنني أتفق معه؟ وأكدت أنني أتفق معه أنها أبرز نوع من أنواع «التستر». وطرح هذا المواطن الحل ليس بالمنع أو التفتيش أو غيرها لأنها أصبحت حالات ميؤوس منها بل أصبح شيئا غير فعال من الجهات الرسمية, وأضيف هنا أن ما ينطبق على «البقالات والسوبر ماركت» ينطبق على الورش بكل أنواعها وأصنافها سواء السيارات أو النجارة أو الحديد أو الزجاج أو الأبواب, وخلال مرحلة من مراحل بناء السكن الخاص «بالعائلة» ولمرة أو عدة مرات ذهب لمحلات بيع الأخشاب, والرخام, والسيراميك, والأدوات الصحية والكهربائية, وكل ما يتعلق بالبناء والتشييد, لك أن تنسى أن تجد مواطنا سعوديا يعمل بهذا القطاع «كبائع» أو يملك مهنة العمل بها أو مالك إلا في حالات محدودة ومعروفة, ولكن السيطرة الكاملة لكل هذا القطاع هم من غير السعوديين، ولنا أن نقدر كم من المليارات ترحل شهريا وأتركها لوزارة المالية ومؤسسة النقد التي تعرف كم يتم تحويله من مبالغ. أعود لقصة المواطن ومحلات «البقالة والسوبر ماركت» وأضعها هنا «كنموذج» لما يحدث لدينا, فهو يقترح تطبيق النموذج «الكويتي» أي الجمعيات التعاونية, وهي جمعية أشبه بسوبر ماركت, يشارك بها أهل الحي, وبالتالي يصبح ولاؤهم ودعمهم لهذه الجمعية التي أشبه ما تكون «بسوق التميمي أو بندة أو غيرها» وهي نموذج فعال ومميز, منها يشارك أهل الحي بالربح, وأيضا القضاء على هذه «البقالات والسوبر ماركت «التي أصبحت بيئة خصبة لكل من يريد تسوق كل ما هو مخالف, وحسب معلوماتي أن «جالية معينة» تتكاتف مع بعضها وتقرض هذا «العامل» ويشتري هذه «البقالة أو السوبر ماركت» ويسدد على مدة زمنية حتى يتملكها وهكذا. هل تصورنا أي وضع نعيشه وأي استنزاف مالي وهدر نعيشة. إن أسلوب الجمعيات ليس صعبا تطبيقه بتأسيس شركة خاصة تمول ذلك وتشارك في الملكية, ونستطيع برأس مال لا يصل إلى 2 مليار أن نؤسس الشركة وبمشاركة أهل الحي أو خارج الحي, فهي لها ميزة اجتماعية وأبعاد كبيرة وأيضا هدفها الربح في النهاية. الجهات الحكومية يجب أن تدرك أن بلادنا تستنزف بأموالها من خلال مهن وحرف حرة مفتوحة يصعب السيطرة عليها, والمواطن للأسف يدعم ويساهم بالتستر, ولن يردع إلا بالعقوبات المغلظة والغرامات الكبيرة, والغريب أننا نرى أسماء نساء على المحلات التجارية قد تكون آخر من يعلم بفضل الزوج المسيطر والمستغل, لدينا خلل كبير وهدر أكبر واستنزاف قاتل مستقبلا, يهدر حقوق المواطن وكل فرصة يمكن أن تتاح للمواطن بقانون حكومي يحتاج الكثير من التعديل والتطوير والتطبيق.