في ظل الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخراً حول عمليات نقل الصواريخ بين سوريا ولبنان يتبادر إلى الذهن سؤال وهو إذا جمعنا عدد صواريخ سكود الى صواريخ الكاتيوشا التي بيد «حزب الله» ، وأضفناها الى عدد صواريخ «زلزال» و»شهاب3» الإيرانية، وقسمناها على 7 ملايين ونصف ، فكم صاروخاً سيكون نصيب كل مواطن إسرائيلي ؟. والآن سننتقل الى مسألة هندسية ، ارسموا ثلاثة دوائر حول تل أبيب، الأولى تقدر المدى التدميري لصواريخ «شهاب» ، والثانية لمدى صواريخ سكود ، والثالثة لصواريخ الكاتيوشا. وإذا افترضنا بأن الهجوم على إسرائيل سيكون بالتنسيق بين إيران وسوريا و»حزب الله» ، فهل ستقترحون على «حزب الله» استخدام صواريخ سكود فقط دون الكاتيوشا ؟ ، أم تفضلون أن تكتفي إيران بإطلاق صواريخ «شهاب» وتوفير الكاتيوشا على «حزب الله» . وكل من يريد الإجابة على هذه التساؤلات عليه أن يضع في حسبانه مكان سكنه ، وفي أي دائرة يقع. إن كم التهديدات التي يلقيها علينا رئيس قسم الأبحاث في شعبة المخابرات العسكرية أوري بايدتس، ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ، الذي يؤكد أن «حزب الله» يمتلك صواريخ أكثر من بعض الدول ، وعبدالله ملك الأردن الذي يتوقع حدوث صدام عسكري في يوليو القادم ، وعدد من المحللين العسكريين ، يجعل إسرائيل الشعور المعروف وهو لا خيار أمامها سوى الهجوم. وفجأة بات واضحاً أن التهديد النووي الإيراني ليس الوحيد الذي يشكل خطراً على وجود إسرائيل ، بل الصواريخ بكل أنواعها تعتبر تهديداً لا يقل أهمية عن التهديد النووي ، والدولة المضطربة تعمل على تهيئة الرأي العام والجيش للمواجهة القادمة. صحيح أن ميزان الرعب بين إسرائيل وجاراتها يهدف لمنع أي مواجهة ، وهكذا تفعل أي دولة جادة وواقعية وهي ترى نفسها مهددة ، وليس أمامها أي خيار غير عسكري لحماية نفسها. إسرائيل دولة مهددة ، لا شك في ذلك ، ولكن بنفس القدر فإن سوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية مهددة أيضاً. ويكفي التهديدات الإسرائيلية لسوريا حين قالت «سنعيد سوريا للعصر الحجري» ، وللبنان «سندمر البنية التحتية المدنية في لبنان». هذا غير تهديدها بإسقاط حماس. وهذه التهديدات تشبه إلى حد كبير أسلوب التهديد الإيراني. وإذا كان هناك من يتوجب أن يكون مذعوراً من هذا الوضع فهم اللبنانيين والسوريين وسكان غزة ، وليس الإسرائيليين. ومع ذلك ورغم الضربات العسكرية التي تلقتها سوريا من إسرائيل إلا أنها لا زالت تتمتع «بالوقاحة» ، ولبنان الذي سُحق في الحرب يتزايد التهديد من جهته ، وعملية «الرصاص المسكوب» في غزة لم توقف تزود حماس بالأسلحة ، وحتى في الضفة لم تستطع سلطة الاحتلال منع التهديد. ولكن ، ورغم أن إسرائيل ترى التهديدات وتتجاهل أسبابها، فلكل دولة من دول الجوار التي تشكل تهديداً مطالب دولية شرعية ، وهي استعادة أراضيها المحتلة. وكل من يبحث عن خيارات بعيدة عن العنف ، فسيجدها جاهزة للاستخدام. رئيس شعبة الابحاث بايدتس قال أمام لجنة الخارجية في الكنيست أن «الرئيس الاسد يريد السلام لكنه لا يثق بنتنياهو» ، غير أن هذا الكلام ضاع وسط الحديث عن عدد الصواريخ التي يملكها «حزب الله». لأننا لا نفهم الا بالسلاح ، وحديثنا منصب على نصر الله ، وعلى أجهزة الطرد المركزية التي تفككها ايران وتعيد تركيبها كل يوم ، أما عندما يدور الحديث عن السلام نفقد بوصلتنا. بايدتس لم يوضح كيف يمكن شراء ثقة الاسد ، ولم يسأله أي عضو في اللجنة البرلمانية تلك عما اذا كانت اعادة الجولان للسوريين بشروط يتم الاتفاق عليها تنهي التهديد من جانب سوريا ولبنان و»حزب الله». هذه الاسئلة أخطر من أن توجه لرجل عسكري ويُطلب منه حل سياسي. ولكن يمكننا الاجابة نيابة عنه. ان السلام مع سوريا سينهي على الاقل التهديد العسكري من جانبها على الاقل، ويكبح عمليات تسليح «حزب الله» ، ويُربك ايران ، حتى لو لم تنقطع علاقاتها بدمشق. السلام مع سوريا والفلسطينيين سيغير موقف تركيا ويُنهي العداء بين اسرائيل وبقية الدول العربية. باختصار لو تم ذلك لتلاشى جزء كبير جداً من التهديد الحالي. أي دولة عقلانية وواقعية ، حتى لو لم تكن تسعى للسلام – واسرائيل كذلك بالفعل - لكانت وضعت منذ زمن هذه المعادلة في حسبانها وهي التمسك بالجولان يعني السير نحو مواجهة. وهذا التهديد لم يكن محصوراً فقط داخل الدوائر الملونة التي توضح مدى الصواريخ بل يمتد الى الاراضي الواقعة تحت الاحتلال . تسفي بارئيل صحيفة هآرتس