أسعار الحديد هي "مؤشر" للنمو الاقتصادي والعقاري والبناء والتشييد, وكانت الأزمة السعرية "المفتعلة" خلال الفترة الحالية هي محل النقاش والجدل الذي لا ينتهي, ولأنني مقتنع أن سوء "الإدارة" لدينا هو من أوجد وسبب الأزمة, وتطرقنا لذلك بشيء من التفصيل بمقالات سابقة، وأن وزارة التجارة والصناعة هي من أوجد الأزمة من لا شيء, فكانت تتجنب الإفصاح والوضوح, وكانت تقف صامتة أمام هذه الأزمة التي ما كان يجب أن تظهر في حال توفر "إدارة" جيدة, وكانت الأسعار المتباينة في شاشة أسعار الوزارة هي من خلق الأزمة, وقلنا إن الحل هو بتوحيد الأسعار, وحتى حين ارتفعت الأسعار لم تتطرق الوزارة للأسباب التي تتحملها هي مباشرة أو العوامل المؤثرة الخارجية التي رفعت الأسعار لم تتطرق لها الوزارة من خلال إعلان عام أو اجتماع يضم المصنعين له, وحين طرحت هذا الموضوع أي رفع الأسعار كان لي وأيضا وصلتني اتصالات من كبرى الشركات المصنعة للحديد كسابك ممثلة بالمهندس محمد الماضي أو المهندس عبدالعزيز العبودي "حديد الراجحي", أو عبدالكريم الراجحي "مصنع طيبة للحديد" من خلال حواره التلفزيوني الذي نشر, كل هؤلاء يتطرقون إلى موضوع أسباب رفع الأسعار ولكن لم يتحدث أحد ذلك, فالوزارة لم تتطرق لذلك ولم يعلن عنه, وحتى الصناعيين بهذا المجال لم يعلنوا للجمهور بصورة واضحة لا لبس بها, عن ارتفاع تكلفة المواد الخام الخاصة بالحديد المستوردة, فهي ارتفعت بنسب لا تقل عن 90% خلال 3 أشهر، ولكن من أعلن ذلك للجمهور أو برر ارتفاع الأسعار؟ لم نجد ذلك يبلغ به, أو أن يعلن عن توقعات الأسعار المتوقعة حتى نهاية العام. يجب أن نقر بانعدام التنسيق بين الوزارة والصناعيين للحديد, أنهم التزموا الصمت كثيرا حول أسباب ارتفاع المواد الخام للحديد, والتي كانت هي أحد الأسباب الجوهرية لارتفاع الأسعار ولكن غيب ذلك, لا من موقع الوزارة أو الشركات, ولم يعقد مؤتمر صحفي يضم الوزارة والشركات لتقول إن الأسعار ارتفعت بنسبة 90% كمواد خام, وأن الأسعار ستصبح بسعر محدد ويجب أن يعلن, في حين لو تم ذلك لانتهت مشكلة الاتهامات وتبادلها بين الجمهور والوزارة والموزعين وغيرهم, الجميع يجتمع ليقول إن الأسعار ستصبح بسعر كذا, وأن نسبة الارتفاع بسبب ارتفاع المواد الخام سيكون كذا, إذا أين ستصبح المشكلة في كل هذا الجو والمعطيات الواضحة التي لا لبس بها. إن إدارة أزمة "الحديد" هي مفتعلة برأيي ليس بإيجاد المشكلة بقدر سوء "الإدارة والمعالجة" لم تكن تحتاج كل هذا الوقت ولا الضرر الكبير الذي تعرض له المقاول والمستثمر والمشتري, لأننا لم نعالج الأسباب من جذورها, ويجب أن نقارن مع أسعار البتروكيماويات مثلا وهي لها بورصة واضحة, وحتى الحديد "الخام" لها بورصة, ويمكن من خلاله تقدير الأسعار بدون أي تأويلات أو لبس قد يتم, والمشكلة الكبرى لدينا أننا نتعامل مع الأزمة مع وقوعها أو بعد لا قبلها أو الاستعداد لأي أزمة, وهي أصبحت نمطية ثابتة لدينا, أن نعالج الأزمات ونحن في عمق الأزمة لا قبلها أو نعمل على تفاديها كما يحدث في شؤون حياتنا التي نعيشها كل يوم, نحتاج "إدارة وتخطيط, وشفافية, ووضوح, ومؤتمرات ونقاش" لا أبواب مغلقة وبيانات لا تحل أو تربط.