توقعت الهيئة العامة للاستثمار أن يصل عدد التراخيص الملغاة في العام الحالي إلى ألف ترخيص!! وكانت الهيئة قد ألغت العام الماضي 500 ترخيص استثمار أجنبي بعد أن اكتشفت جهاتها المتابعة أنّ تلك الاستثمارات (وهمية) وأنّ الهدف من ورائها يتمثل في الحصول على تأشيرة الإقامة الدائمة، وبقدر شكري وامتناني لمجهودات الهيئة إلاّ أنّني أعتقد أنّ هيئتنا الاستثمارية العامة جعلت من محاولاتها لجلب الاستثمار للوطن العزيز فرصة للتلاعب والفوضى!! وقد ذكر لي أحد الأصدقاء (متهكماً أو صادقاً) أنّ قرية متكاملة في إحدى الدول العربية قد انتقلت إلى المملكة من خلال (بركات أنظمة وضوابط الاستثمار الأجنبي السعودي) حيث قام أهل القرية بجمع مبلغ من المال ليودعوه في حساب أحد أفرادها الذي حصل على إقامة دائمة من خلال تمكنه من استخراج رخصة للاستثمار الأجنبي بالمملكة ثم نقل المبلغ إلى آخر ليقوم بنفس العملية وهكذا حتى اكتمل عقد أهل القرية لينتقلوا بكاملهم إلى المملكة! ويشير زميل آخر إلى أنّ سكرتيراً شخصياً كان يعمل في منزله قد قرر أن يصبح مستثمراً أجنبياً وهكذا فعل من خلال (توفير مبلغ من المال تشترطه الهيئة) استدانه من مجموعة من الأقارب فأصبح مستثمراً ثم أعاده لهم ولن أتحدث عن المحلات الصغيرة وأولئك العمال وكذلك الموظفين العاملين لدى القطاع الخاص الذين تحولوا بقدرة قادر إلى مستثمرين في المملكة!! أعتقد أنّ هذه الأنظمة (اللينة) هي واحدة من الأسباب الرئيسية وراء تناقص الفرص الوظيفية والاستثمارية لأبناء الوطن وبالتالي زيادة فرص ارتفاع نسبة البطالة بالمملكة وهو الرقم المخيف والمفزع والمثبط لجهود وطننا التنموية ذلك أنّ البطالة مثل كرة الثلج إن لم (نفزع) سريعاً لمحاولة معالجتها فإنّ الأمر سيزداد سوءاً وربما يقضي على منجزنا التنموي ومن هنا فإنني أتمنى على المسئولين في الهيئة العامة للاستثمار مراجعة أنظمة الهيئة والعمل على تعديلها لتلافي ما حدث ويحدث من ثغرات تضر بالوطن بدلا من أن تخدمه!! وعندما نتحدث عن البطالة فإننا (نمتعض) كثيراً مما رصده مجلس الشورى حول عدم قدرة بل وعجز منشآت القطاع الخاص على تنفيذ اتفاقيات الدعم الموقعة بينها وصندوق الموارد البشرية (هدف) وفقاً لخطط التوظيف التي يسعى لها الصندوق من خلال توظيف السعوديين في القطاع الخاص مع دعمهم فقد أشار مجلس الشورى إلى أنّ 75% من اتفاقيات صندوق الموارد البشرية مع منشآت القطاع الخاص غير منفذة!! وفي نظري انّ هذه النسبة تُعد (كارثة) فيما يتعلق بوجود الصندوق من عدمه!! فمنشأة لا تستطيع تحقيق 75% من أهدافها منشأة فاشلة ولا بد من معالجة وضعها، إما بإلغائها (لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه) أو بتعديل أنظمتها وقوانينها أو بسن أنظمة حكومية صارمة على أولئك المتلاعبين من منشآت القطاع الخاص التي وقعت تلك العقود ولم تف بتنفيذها، فمن غير المنطقي أن يبلغ إجمالي العقود الموقعة لبرامج دعم وتأهيل وتوظيف القوى العاملة الوطنية السعودية من خلال الصندوق في العام المالي الماضي 1428-1429ه ما يقرب من ملياري ريال في حين لم يتجاوز إجمالي قيمة العقود المنفذة سوى 460 مليون ريال، والذي لا أستطيع فهمه أيضاً أن توجد هذه المشكلة في الوقت الذي يتجاوز إجمالي استثمارات وموجودات الصندوق خلال عام التقرير المذكور 7 مليارات ريال مع إيرادات بلغت نحو مليارين ونصف المليار ريال. وإذا كان هذا الصندوق الذي يسعى لمعالجة البطالة يسير بهذه الطريقة فإننا بالفعل نحتاج إلى وقفة صارمة ودقيقة في التعامل مع قطاعاتنا المختلفة حكومية وخاصة وخيرية فهذه الهيئات والصناديق والمؤسسات العامة التي تنشئها الدولة وتستنزف ميزانياتها يجب أن تحقق الهدف الذي أنشئت من أجله أو أن يتم إلغاؤها، فمعالجة المشكلة في بداياتها خير من التغاضي عنها لحين استفحالها. أعتقد جازما أن موضوع البطالة بحاجة إلى مراجعة شاملة ودراسة واعية يقوم بها متخصصون من أبناء الوطن (وليس من غيرهم) يتبناها المجلس الاقتصادي الأعلى ويعمل على دعم ومعاضدة جهود تفعيل نتائجها ومقترحاتها كما أننا بحاجة سريعة وعاجلة إلى هذا الأمر قبل أن يزيد "الخرق على الراقع" ودمتم.