انظرْ يمنة ويسرة إلى هذا العالم الإسامي المتسع لتجد أن هناك العديد من العلماء الذين يعيشون عصرهم ويأملون بالعلم والفكر المتجدد ، ويعملون به لتجديد فكرة الدين دون تشويه أو تقليل من مهابة الدين ووصمه بكل ما يبعده عن المعاصرة لا سيما وأن هذا الدين العظيم يصلح لكل زمان ومكان، ولأن هذه المواهب التي نشأت في رحاب الإسلام إنما تزيده ألقاً ونصرة للحق والجمال والبناء، بناء الإنسان وبناء الأوطان على القيم والمحبة وترك هذا العنف والاقصاء والفوقية التي أصبحت وللأسف الشديد علامات ينعت بها الدين على غير وجه حق. إن مجموعة العلماء والفقهاء الذين تراهم في العراق أو في سورية أو في بلاد المغرب أو في اليمن أو في السودان ومصر يصدرون عن علم غزير وبحث لا يتوقف لخدمة هذا الدين وإضفاء روح العصر بجميع المذاهب حتى انك تستمتع حينما ترى العلماء في كل بقاع الدنيا وليست حكراً على بلد دون الآخر وللأسف الشديد فإن القليل ولله الحمد من بعض المتعالمين في الدين يظن أن مسألة التحريم على إطلاقه إنما تمنحه موقع الصدارة والأولوية وهي لعمري حلم زائف ومكانة تأخذ من السراب وهجه ومعناه .. ولعل التناقضات العجيبة التي تظهر لنا يوماً بعد يوم إنما تؤكد مأزق هؤلاء الذين امتطوا صهوة الدين للوصول إلى مكاسب دنيوية وأهداف الله وحده العالم بها وهم للأسف الشديد يتساقطون عند أول مواجهة بل إن العبارات التي تصدر منهم إذا ما تم محاصرتهم برأي أو فكرة فليس لديه من معين العلم أو الثقافة أو المعرفة المبنية على أصول العلم إلا أن يعود إلى صراخ هو أشبه بما يحدث في الملاعب ومن قلة من الجماهير. أعتقد أنه من المعيب أن نقوم بإطلاق مصطلح ثم نقوم بتجزئته مثلما حدث في الزواج ومسمياته العجيبة والغريبة من مسيار إلى ويك إند ، ثم إلى مسفار بل هناك تسميات شوهت فكرة بناء الأسرة والعائلة والوطن والأمة التي تقوم على مبادئ العقل والحرية والتفكير الذي يأخذ من هذا الدين الأشياء الايجابية الرائعة. ولعل مصطلح (الاختلاط) الذي سمعت عنه مؤخراً قد جلب لنا صداعاً عجيباً فمن قائل إن هناك اختلاطاً عارضاً وكأنه أشبه بالحمى أو المرض وهناك اختلاط جائز وهناك اختلاط محرم ولا أعرف سبب تحريمه وربما أضيف له قائمة جديدة فمنها اختلاط الضرورة وهذا لا يكون إلا في طائرة أو سفينة، وهناك اختلاط البيع والشراء وهذا لا يكون إلا في الأسواق والمجمعات التجارية وهناك الاختلاط البحري وهذا الذي يحدث على الشواطئ ولا تملك أن تقفل شاطئاً وتقسمه شاطئاً رجالياً وآخر نسائياً، وهناك الاختلاط العلمي وهو أن يكتب لك الله أن تكون ضمن طاقم يعبر الفضاء ومعكم امرأة ، وهناك الاختلاط المكروه وهو أن تكون في ندوة على الهواء مباشرة وتجمعك بامرأة سافرة والعياذ بالله .. أعتقد أن الحل لمثل هذا الاختلاط الأخير أن يدير الرجل للمرأة ظهره وهي كذلك ويكون مدير الحوار في الوسط.. وسلامتكم.