أكد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، في حوار لشبكة (آيه بي سي) الأميركية، بشكل قاطع أن إسرائيل لن تشن هجوماً على إيران قبل أن يستنفد المجتمع الدولي جولة العقوبات الجديدة، غير أن طريقة تعبيره والنغمة التي تحدث بها تظهر أن هناك صياغة أميركية يتم إملاؤها على إسرائيل، وليس مجرد رد على تساؤلات المشاهدين في المنازل. هذا التصريح ينضم إلى تصريحات نائبة وزير الدفاع الأمريكي ميشيل فلونوي، والتي سبق أن قالت ان الخيار العسكري ضد إيران ليس مطروحاً على الطاولة الأميركية، فيما تم نشر العديد من الاقتباسات المماثلة في الشهر الماضي عبر مصادر رسمية في الادارة الأميركية. وفي الوقت الذي يريد الأميركيون فرض عقوبات على طهران، واختبار نتيجة هذه الخطوة، فإن الكثير في إسرائيل غير راضين عن الوتيرة التي تعمل بها واشنطن، والتي تحاول بكامل قوتها أن تخلق جبهة ضد إيران، وتسريع فرض العقوبات الحادة عليها. بيانات المسؤولين في الادارة الأميركية تنبع من المخاوف من إمكانية قيام إسرائيل بشن هجوم دون اطلاع الولاياتالمتحدة ، مثلما فعلت في الماضي بالنسبة للمفاعل النووي العراقي، والسؤال المطروح حالياً هو (إلى أي مرحلة وصل البرنامج النووي الايراني حقاً، وإلى أي مدى سيؤثر الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية؟). فترة سياسية مظلمة: في العام 1981 اثارت الضربة التي وجهتها مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي للمفاعل العراقي موجة من الاحتجاجات حول العالم، وأدت إلى فترة برود طويلة مع الادارة الأميركية، القوة الأكبر التي تعتمد عليها إسرائيل، فهل تستطيع حكومة نتنياهو أن تسمح لنفسها بعودة البرود في العلاقات مع الولاياتالمتحدة ؟ يبدو أن الاجابة... لا. الفترة الحالية تعتبر مظلمة، ليس فقط في العلاقات مع الولاياتالمتحدة ، ولكن مع دول أخرى أيضاً، ففشل الأتراك حتى الآن في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، جعلهم يحاولون زيادة مواقفهم تطرفا، بهدف الاقتراب من الشرق.. من الجذور، خشية أن يبقوا في نهاية المطاف لا هنا ولا هناك، لذا من الممكن أن نفهم جيداً سبب اقترابهم من طهران، وذلك على رغم أن القنبلة النووية الإيرانية تهددهم أيضاً. كما أن الرئيس السوري يتظاهر بالقوة على الأقل في الجبهة الإعلامية، ويهدد بشن حرب على إسرائيل، في حال استمرار الجمود، كما أن ثمة تغييرات سياسية في لبنان، لا تصب في المصلحة الإسرائيلية، ولكنها على العكس تدعم المعسكر الموالي لسورية. وملك الأردن عبدالله، يعيش فترة معقدة للغاية، فهو يدرك جيداً ان الكتلة الفلسطينية في بلاده، والتي تعيش تحت التأثير السوري والإيراني من شأنها أن تتسبب في أمور سيئة، في اللحظة التي سيعلن فيها الإيرانيون عن مظلة نووية لجميع المنظمات الإرهابية، لذا فهو يبكر بالحديث اللاذع ضد إسرائيل، من أجل محاولة دفع المفاوضات التي قد تعطي أملاً للفلسطينيين. أما مصر فأعينها ليست موجهة نحو إسرائيل، ولكن إلى الرئيس حسني مبارك الذي خضع لعملية جراحية معقدة في هذه المرحلة المتقدمة من العمر، ولم يعد حتى الآن إلى صحته الطبيعية، ورغم ذلك، لم يقم حتى اليوم بتعيين نائب له، لذا فإن التوتر في مصر يؤثر أيضاً على إسرائيل. كذلك يمتد تأثير البرنامج النووي الإيراني ليهدد مصر أيضاً، والقنبلة النووية فهو يضغط على النظام هناك الذي يطلق في جميع الاتجاهات ويحذر ليس فقط من قنبلة نووية إيرانية، ولكن أيضاً من القوة النووية وجميع هذه الأمور لا تسمح حتى الآن في زمن الرأسمالية والاقتصاد الإسرائيلي بالقيام بهجوم دون الحصول على تأييد الدول العربية. وفي ظل هذا الواقع سيكون من الصعب على إسرائيل القيام بهذا الهجوم على إيران دون أن تحشد العالم ضدها، والوقت الحالي لا يشبه عهد رئيس الحكومة السابق مناحم بيغين حين هدد بأن إسرائيل قادرة على الاكتفاء بالخبز. ينبغي فهم أمر واحد واضح كالشمس، فالدولة الوحيدة التي يمكنها أن تقرر إذا ما كانت ستمتلك قنبلة نووية.. هي إيران، وبمقدورها تركيب قنبلة نووية من خلال مسارات سرية، والسؤال الآخر هو، طبيعة القنبلة النووية نفسها، وكم من الوقت يحتاج الايرانيون للدخول في المرحلة الأولى. ان قنبلة واحدة أو اثنتين لا يمكنها ان تشكل خطراً على أمن دولة إسرائيل، لذا على إسرائيل أن تدرس إذا ما كانت ستنتظر قليلاً لكي ترى نوع العقوبات التي ستختارها الدول الكبرى، وكيف ستؤثر على إيران، أو أن حجم البرود بين واشنطن وتل أبيب سيزيد من الشعور بأن ساعة تنفيذ الهجوم قد حانت ، من أجل عرقلة السباق الذي يقوم به أحمدي نجاد وزملاؤه تجاه القنبلة النووية التي ستغير النظام العالمي. ان إسرائيل لا تريد العروس، ولكنها تريد المهر، كما أنها لا ترغب في تدمير النظام الإيراني، بل تريد احباط القدرة الإيرانية قبل امتلاك قنبلة نووية. أمير بوحبوت - معاريف