لم تكن " نوال " الشخصية المحورية والقوية في مسلسل " حكم البشر " الذي عرض على القنوات الفضائية للكاتبة المتألقة " وداد الكواري " وليدة الصدفة ، بل إنها جاءت لتمثل الفتاة العربية التي تعتمد عليها أسرتها في تدبير أمورها وأخذ القرارات عنها ، وربما لتمثل لدى أسرتها مقام " الرجل " أو السند الذي تعتمد عليه في أزمات الحياة الصعبة . نموذج " نوال " ليس بعيدا كثيرا عن واقع بعض الفتيات اللواتي يتمتعن بشخصية قيادية قوية تمثل للأسرة الحماية والدعم الذي تحتاجه ، فهناك بعض الأسر من تجد " فتاة " تقوم بأخذ قرارت المنزل ، ومن تدير تنظيم حياتها بشكل كبير حتى يصبح الأب أو الأم وكذلك الشقيقات من يعتمدون عليها ويأخذون بقراراتها التي كثيرا ماتكون نابعة من منطلق الإحساس بالمسؤولية . تلك الشخصية القيادية لدى الفتاة تنعكس على الكثير من الأسر بالشكل الإيجابي الجيد الذي يجدون من خلاله بأن الفتاة عن " عشرة رجال " فماهي الظروف والصور الاجتماعية لمثل ذلك النموذج للفتاة القيادية في واقع الأسرة . تقوم بكل التفاصيل الأسرية " نورة سعد " مثال للشخصية القيادية التي قامت على شؤون أسرتها وأصبحت تمثل بالنسبة لهم الدعامة القوية لذلك البيت ف " نورة " تعمل في الحقل التعليمي وقد وجدت نفسها مسؤولة عن أسرتها المكونة من شقيقاتها ووالدتها المسنة على الرغم من وجود أشقاء لها ، إلا أنها أخذت على عاتقها مسئولية الصرف المادي على أسرتها والقيام بجميع شؤونها الحياتية ، كما أنها تقوم بأخذ القرارات المهمة فيما يخص والدتها وأشقاءها حيث نظمت لوالدتها المريضة مواعيدها مع المستشفى التي تتابع فيه علاجها الأسبوعي وتقوم على توفير متطلبات شقيقيها الصغيرين، ولا تنس أن تتابع متطلبات المنزل فتخرج لتشتري جميع مستلزمات الطعام والشراب ثم تسديد جميع مستلزمات الفواتير وكذلك عداد الماء ، وتشعر " نورة " بمسؤولية كبيرة تجاه تلك الأسرة التي جعلتها من أهم أهدافها في الحياة حتى أنها تحرص كثيرا على أن ينقص تلك الأسرة أي شيء من ضروريات الحياة ومستلزماتها ، تقوم " نورة " " بكل تلك الأمور بمحبة كبيرة وبصدق دون التفكير من التملص من تلك المسؤولية التي وضعت نفسها بها خاصة مع اتصافها بالشخصية القيادية القوية التي تجعل أفراد أسرتها يشعرون كما لوكانت " عن عشرة رجال " . الرجال يبحثون عن مشورتها أما " أم نبيل حمزة " 65 سنة فتبدأ بقولها " لقد خرجت في هذه الدنيا بابنتي " فاطمة " الابنة الكبرى التي اعتبرها يدي اليمنى على الرغم من وجود أبنائي الآخرين إلا أنها تمثل عامود البيت ، حيث نعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة فهي من تقوم بمتابعة شقيقاتها الصغار في المدرسة وتسأل عن مدى تقدمهن في تعليمهن ، كما أنها تقوم بتدبير شؤون المنزل جميعا والوقوف على المشاكل الأسرية وحلها حتى أصبحت الفرد الأساسي الذي لانستطيع أن نحرك ساكنا دونه ، فهي الابنة العاقلة والمتزنة والتي تتمتع بشخصيتها القوية التي تستطيع أن تضبط كل شيء حتى أصبح أشقاؤها الذكور حتى المتزوجين منهم لايستطيع أن يقدموا على أي شيء فيما يخص الأسرة دون الرجوع إليها ، مشيرة أم نبيل إلى أن ابنتها الكبرى " فاطمة " كانت تتمتع باستقلالية في شخصيتها منذ الطفولة حيث كانت رفيقة دائما لوالدتها وتتعلم منها كل شيء وتسألها عن جميع تفاصيل الأمور في الحياة والبيت حتى كبرت وأصبحت الشخصية الأساسية في المنزل والتي تشعر أم نبيل بشعور الأمان كلما رأت بأن فاطمة موجودة في البيت تزيد من دعامة وقوة هذه الأسرة . الخوف من القيادية وترى " أريج العنزي " بأن وجود الأخت ذات الشخصية القيادية في الأسرة جيد لكنه قد يتسبب في الكثير من الخلافات بين الأخوة في الأسرة الواحدة فالأخت التي تعتاد على أن تتولى زمام الأسرة وأن يكون القرار بيدها فإنها ترفض دائما أن يتدخل أحد في تلك القرارات لأنها تشعر بأنها الرأي الوحيد الذي لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار ، مشيرة " أريج " إلى أن الجانب السلبي في تلك الشخصية هو اعتياد شخصية الفتاة القيادية على عدم مناقشة آرائها وربما وصل الحال إلى مصادرة آراء بقية الأسرة ، وربما تدخلت الفتاة القيادية في شئون أخوتها حتى في قراراتهم المصرية خاصة حينما يكون الوالدان يؤيدان قراراتها دائما من منطلق الثقة ، حتى تصبح تلك الأخت الكبرى مصدر خوف من بعض أفراد الأسرة التي يشعرون بأنها تخلق حاجزا بينهم وبين الدور الذي لابد أن يكون للأم أو الأب وبذلك يفقد الوالدان دورهما في حياة الأسرة . مرجع لحل المشاكل وبخلاف رأي أريج تعتبر أسرة " أم سعود " الأخت الكبرى التي تمثل الشخصية القيادية في واقع حياة أسرتها حتى بعد زواجها واستقلالها المرجع الذي تحب أسرتها أن تأخذ برأيها في جميع الحالات ، وعلى الرغم من أن " أم سعود " انتقلت إلى حياتها الزوجية وأنجبت الأبناء إلا أنها مازالت تقوم بدورها في منزل أسرتها في تدبير شؤون البيت حتى أنها تتواصل مع الخادمة كل يوم لإعطائها التعليمات وكيفية تنظيم طعام والديها وأخوتها ، كما أنها تعتبر المرجع في حل جميع المشاكل الأسرية التي تحدث لهم ، ويأخذون برأيها في كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ، وتشعر " أم سعود " بانتمائها لتلك المسؤولية التي وجدت نفسها في وسطها منذ أن كانت صغيرة بسبب شخصيتها القوية والقيادية وحبها لمساعدة الآخرين حتى أن الكثير من أخوتها الصغار لايسمونها بالأخت بل يطلقون عليها " ماما " لكبرالدور الملموس الذي تقوم به فشقيقها الأكبر أسهمت في تزويجه ومساعدته في تأثيث بيت الزوجية ، كما أنها حرصت على إلحاق شقيقتها في دورات تدريبية تساعدها في وظيفتها التي ترغب في الالتحاق بها ولم تهمل أيضا والديها اللذين تحرص على أن تجعلهما يزوران " البيت الحرام " كل سنة من أجل أداء العمرة . ويوضح المختص في الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد ناصر العود بأن الفتاة ذات الشخصية القيادية هي غالبا ماتكون الأخت الكبرى والتي تتمتع بعلاقات اجتماعية واسعة ولذلك فإن من أهم الأسباب الاجتماعية التي تخلق من الفتاة شخصية قيادية في أسرتها هي الملكة التي يهبها الله في شخصية الفتاة والتي تؤهلها أن تكون شخصية قيادة بصفة عامة في جوانب الحياة، والتي منها أيضا في واقع أسرتها ، كما أن الوالدين لهم دور كبير في أن تأخذ الفتاة دور القيادية خاصة حينما تكون الفتاة ذات رؤية وحكمة وحرص على أخواتها وأسرتها وذلك الجانب الإيجابي من تلك الشخصية ، وربما كان الوالدان يحتاجان إلى الأخت الكبيرة في الأسرة والتي تمثل الحلقة الواصلة بين جيل الوالدين وجيل الأبناء فالوالدان لهما رؤية في تربية الأولاد وربما تكون الأخت الكبرى قادرة أكثر على خلق ذلك التواصل في نقل ثقافة وقيم الجيل الأول خاصة في ظل الظروف الحالية المتغيرة ، أما الجانب السلبي فيكمن في سلطة الأخت الكبرى أو القيادية والتي تقوم بدور الوالدة فيكون لديها سلطة على أخوتها فتحدث الخلافات والانشقاقات بين الأخوة خاصة حينما تكون الأخوة متزوجين فقد تشعر الأخت الكبرى بأنها وصية على أشقائها بسبب مكانتها تلك كذلك اعتماد الأخوة على هذه الأخت بشكل كلي حتى إن كانت متزوجة فيلجأون إليها في أخذ رأيها في أدق التفاصيل حتى في شراء " شريحة جوال " مثلا وبالتالي يصبح هناك صراع بداخل الأم التي تشعر بأن سلطتها فقدت مع وجود سلطة ابنتها الكبرى وربما انعكست تلك الشخصية القيادية للمرأة على زوجها بشكل سلبي فالرجل يشعر بأنه قد يفقد الكثير من زمام الأمور أمام تلك الشخصية القيادية خاصة مع الزوج الذي يفتقد الثقة بنفسه فالمرأة القيادية نادرة الوجود وتصقلها المدرسة والوظيفة والشخصية إلا أنه قد يعتمد الرجل على المرأة القيادية في قيادة البيت والأبناء حينما يكون غائبا ولكن الصراع موجود حينما يكون هناك شخصيتان قياديتان في الأسرة الواحدة وهما الزوج والزوجة لذلك غالبا لايفضل الرجل الشخصية القيادية للمرأة .