القهوة ثمرة حمراء اللون من شجرة معمرة باسقة الطول ، تنمو طبيعياً في المناخ الاستوائي ، تكثر في اليمن جنوب المملكة العربية السعودية، وشرق أفريقيا ، البرازيل ،هاواي، أنواعها كثيرة ، منها القهوة الخليجية ، التركية ، الفرنسية ، الإيرلندية ، الإيطالية ، الأمريكية ، السعودية ، منها ما هو مفيد للصحة لاحتوائه على أملاح معدنية كالمغنيسيوم والبوتاسيوم . ومنها ما هو ضار بها لما يحويه من مادة الكافيين، منها ما هو قهوة خالصة، ومنها ما يضاف إليه محسنات، كالهيل، والزعفران، والزنجبيل ،والقرفة والحليب ، الموكا ، الكاكاو ، منها ما يكون مثلجاً وأفضلها ما يكون حاراً ، لها مذاق مختلف حسب ما يضاف إليها من تلكم المحسنات ، عرفها العرب في القرن السابع الهجري ، لها عندهم مكانة لا تضاهيها مكانة ، تقدم ساخنة وبآنية تضفي عليها رونقاً وبهاءً ، في هذا العصر تقدم أحياناً بآنية تحفظ الحرارة ، حدثني أحد عشاقها بأن تقديمها بهذه الآنية يعطي انطباعاً عن برودة اللقاء بينما تقديمها بآنيتها المتعارف عليها يوحي بالفرح والابتهاج وحُسن القِرى ، يأنس بها الأهل والأقارب، وسيلة للمنادمة، يحلو معها السهر يتُحلقُ حولها ، يعشقها الكبار ويألفها الصغار، يلتقي حولها ويتغنى بها الأدباء والشعراء ، اشتهرت مقاهٍ لارتيادهم إياها كطه حسين وتوفيق الحكيم وشوقي والعقاد . والقهوة منها ما يكون خفيفاً وآخر غامقا وغالباً ما تكون خالية من السكر ، تقدم للضيوف رمزاً للكرم والجود ،. وللقهوة عادات ومنهج فريدٌ في الإعداد والتقديم فتعد أمام ناظري الضيف إمعاناً بإكرامه ، تحمص حبات القهوة وتغلى بإناءٍ مُعدٍ لذلك ثم تسكب في إناء آخر جميل الشكل على هيئة حورية نحيلة الخصر (الدله) يقدمها المضيفُ واقفاً ممسكاً إياها باليد اليسرى والفناجيل باليد اليمنى يبدأ بالأكبر سناً والأيمن اقتداءً بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وغالباً ما تقدم مع حبات التمر ، كان والدي رحمه الله له عناية خاصة بالقهوة يصنعها بنفسه . يحمص حباتها ويدقها بعناية ، يعلمنا أسلوب ومنهج تقديمها . فتقديم القهوة للضيوف من قبل الأبناء يكسبهم عادات وتقاليد كريمة ، فيسمعون الأحاديث المفيدة ( فنجال وعلوم رجال) وتبعدهم عن مجالس قرناء السوء وتجعلهم أقرب إلى ذويهم ، يتشربون العادات والتقاليد والقيم الحسنة فكل قرين بالمقارنِ يقتدي ، يكتسبون فن الحديث وآدابه ، يكونون ثروة ومصطلحات لغوية ، يتعلمون حسن الإنصات وفن الحوار، فالقهوة تراث عربي أصيل حري بالآباء والمعلمين أن يحافظوا عليه وأن يعودوا الأبناء أن يتحلقوا حولها وأن يخصصوا وقتاً من اليوم يعرف بوقت القهوة لمناقشة الأمور العائلية والأسرية ومعرفة ما يجول بخواطرهم، فالاجتماع مطلب ومناقشتهم في أمور حياتهم أوجب وعقد اللقاءات العائلية بجو يسوده محبة يثمر بإذن الله تعالى . فمن خلال ذلك المجلس تعزز الإيجابيات وتعالج السلبيات، فلتحتضن منازلنا أبناءها ولتكن الأقرب إليهم فمنها وبها تكتسب العادات وتنتهج الأخلاق وتغرس القيم الفاضلة . * مدير مكتب التربية والتعليم بشمال الرياض