خرجت صاحبتي الشجاعة الى السوق مع خادمتها ، وفي محل للملابس الداخلية تحدث معها البائع العربي الذي فتح صدره وسرح شعره ، بكلام لا يتحدث به الأخ مع أخته ، وعندما تجاوز حدوده ، أمرته بكل أدب ألا يتجاوز حدوده، فبدأ يصرخ فيها ( برا ، اخرجي من المحل ياحرامية ) وبدا بدفعها بكلتا يديه انتقاما منها ، فوقفت خارج المحل حائرة والناس ينظرون إليها ، لاتعرف لمن تشتكي ولا لمن تلجأ ، ثم فكرت أن تخبر زوجها ، ولكنها تذكرت حميته وغيرته ، فخافت عليه من المشاكل مع هذا الذئب الخبيث ، وهي تسألني لمن ألجأ وبمن أستعين؟ يرمي أشباه الرجال بكلمات التحرش ليجربوا حظهم في الاماكن العامة والاسواق والعمل ، ويظنونها شطارة أن يرموا بسمهم الزعاف يمنة ويسرة بين آلاف العفيفات ، حتى لو آذوا وجرحوا وأجفلوا ، فحمانا نحن النساء أصبح اليوم مستباحاً بعد أن قل الدين وذهبت الاخلاق ، وانتشر الأمر حتى أصبح حديث النساء في مجالسهن زفرات وشكاوى يبثثنها فيما بينهن من مضايقات المعاكسين وتحرشهم ، ويتساءلن ماذا نفعل ولمن نشتكي ؟.. تأتي إلى عيادتي عشرات النساء اللاتي يبكين خوفا من جرأة المعاكسين ، بعد أن اهتزت عندهن مشاعر الأمان النفسي والاجتماعي ، وانفرط لديهن عقد الثقة بمن حولهن، ويسألنني كيف يتعاملن مع تلك القضايا الحساسة ولمن يلجأن ؟.. يتحدث صاحب المحل النسائي بكل وقاحة وسماجة ، ليجرب حظه ، فهو يعرف أن المرأة ضعيفة ، فحتى لو غضبت من أسلوبه وتضايقت من تحرشه وتلميحه، فسوف تحس بالخوف وتنسل خارجة من المحل ترجو السلامة، لأنها لاتعرف كيف تتعامل مع هذه الحالة ، ولاتعرف لمن تشتكي أو تلجأ .. تقع المرأة المتحرش بها بين نار الصبر على تحرش المعاكسين وبين نار الافتضاح عند الشكوى في الجهات الرسمية ، وبين نار الحفاظ على سمعة زوجها وأهلها من الدخول في مثل هذه القضايا ، خصوصا وان المرأة هنا لاتعرف كيف تحافظ على حقوقها وسط بيئة الاسواق التي تعج بالآلاف من الرجال العزاب الذين لايحترمون الاحتراف والمهنية ، وهم لايخشون أي عقاب أو إيقاف لأنهم يمارسون حريتهم داخل محلاتهم، وهم يعرفون أن المرأة هنا لن تثور على تحرشهم وقلة أدبهم ، لأنها تخاف وتحسب ألف حساب للسمعة والزوج والأهل ، ولأنها لاتعرف لمن تلجأ أو بمن تستعين ، ولو عرفت فهل سيصدق قولها ، ولو صدق قولها، فهل سيتم الستر على اسمها ولن يتم إدخال الزوج أو الأهل في الموضوع ؟.. أختم المقالة بسؤال أسأله نيابة عن بقية النساء ، لمن تلجأ المرأة عندما تنتهك كرامتها في السوق ، ولمن تشتكي من كلمات تسمعها تخدش الحياء وتؤذي النفس ، كيف تأخذ حقها دون تبعات الفضيحة وتدخل الأهل والأزواج ؟ وللحديث بقية من نفس ..