عرفت الكرة السعودية التعليق الرياضي لأول مرة بصوت عميد المعلقين وأستاذهم الأول محمد عبدالرحمن رمضان (شفاه الله) قبل 54 عاماً حين تولى مهمة الوصف والتعليق على أول مباراة نهائية لكأس جلالة الملك بين الوحدة والاتحاد عام 1377ه في شريط سينمائي صورته شركة أرامكو. وشكل (أبو مريم) بعد ذلك مع رفيق دربه زاهد قدسي (رحمه الله) ثنائياً متناغماً في مجال التعليق وتعاقبا في الوصف على مباريات حقبة الثمانينات الهجرية ثم ظهر المعلق القدير سليمان العيسى في أواخر ذلك العقد تلاه بزوغ نجم المعلق البارع علي داؤد وتألقه مع انطلاقة «الصقور الخضر» في سماء الانتصارات الآسيوية وظهر بعده المعلقان القديران محمد البكر وناصر الأحمد ولا ننسى أستاذ المعلقين العرب الراحل أكرم صالح الذي أمتعنا بوصفه وتعليقه على بعض مبارياتنا المحلية قبل ربع قرن تقريباً. بعد هذه المسيرة المشرفة لتلك الأسماء الرنانة من المعلقين الناجحين.. أجدني أترحم اليوم على تلك الحقبة الرائعة التي أمتعنا فيها معلقونا المبدعون وأتحسر على المستوى المتدني الذي وصل إليه حال التعليق السعودي وافتقاد الغالبية منهم لأبسط مقومات المعلق الناجح بتثقيف اللاعب وتوجيهه بصورة واعية لأخطائه في الملعب ويتطلب ذلك من المعلق الإلمام بالجوانب الفنية والأسلوب الأمثل لمعالجتها.. ويقابل ذلك للأسف مدح مقيت وتطبيل ممجوج يثير حنق المشاهد بأوصاف مبالغ فيها وتهويل أمور أقل من عادية فضلاً عن وقوعه في أخطاء مثلما حدث أول من أمس لمعلق مباراة الأهلي السعودي والاستقلال الإيراني في القناة الرياضية الذي كان يفتقد أبسط تلك المقومات بفهم الأخطاء الفنية داخل الملعب وتوجيه اللاعب لتلافيها مستقبلاً.. فعلى سبيل المثال عندما أطلق الحكم صافرته معلناً عن ضربة جزاء للأهلي ظن المعلق أنها ضربة زاوية وتعامل معها على هذا الأساس ولم يفطن لغلطته الفادحة إلا بعدما أخذ فيكتور الأهلي الكرة ووضعها على نقطة التنفيذ ليطلق المعلق صرخة غبية «بأثر رجعي» بنالتي.. بنالتي!! وأخذ يكيل المديح للاعب فيكتور ووصفه بالأسد وكررها عدة مرات قبل تنفيذه الركلة برغم أن لاعبا آخر هو من تسبب في ركلة الجزاء - صاحب العبدالله - ولنتخيل ماذا سيقول المعلق عن فيكتور لو فشل في مهمته؟! والنقطة الأخرى افتقاد ذلك المعلق الحديث عن الأخطاء الفنية الفردية.. مثل هدف الفوز الإيراني نجم عن ضربة زاوية وأخطأ الحارس الأهلاوي (المسيليم) في الخروج من مرماه وأساء التقدير في قدرته على الوصول للكرة العرضية كعادته - منذ تمثيله المنتخب - وتوقعنا أن يتحدث المعلق عن هذا الخطأ الفادح وينبه الحارس لمغبة الخروج الخاطئ من مرماه لكن ذلك لم يحدث. وهكذا أبتلينا بمعلقين أشبه ما يكونوا (محرجين) ورحم الله معلقي زمان!!