من الطبيعي أن يخلط التعميم الصادر عن إدارة التعليم بمحافظة الليث بين الأسابيع، حيث احتوى التعميم على عنوان تفعيل برنامج أسبوع الشجرة الثالث والثلاثين بينما كان نصه يتعلق بتفعيل أسبوع المرور الخليجي السادس والعشرين، لكن من غير الطبيعي أن يثير هذا الخلط دهشة مديري المدارس ورواد النشاط حسب تعبير (إلكترونية سبق)، لأن كل الأمور يجب أن تكون طبيعية فالخلط طبيعي لأن الأسابيع نفسها متشابهة ومختلطة من أسبوع المرور إلى أسبوع الشجرة والدفاع المدني والنظافة، والأرقام أصبحت دلالة على التكرار، فالسادس والعشرون يشبه السادس الماضي والسادس والثلاثين القادم اللهم إلا الشعارات السنوية والميزانيات المصروفة المتكررة وينتهي كل شيء بعد ذلك بانتهاء الأسبوع. برامج الأسابيع لاتختلف باختلاف السنوات، فهي كما حدث في هذا العام وكل عام تبدأ انطلاقتها بحفل تتخلله كلمة للمحافظ وكلمة للأهالي وكلمة لوكيل الوزارة ثم كلمة يلقيها أمين المنطقة وبعد ذلك نشيد يقدمه طلاب المنطقة، وبذلك تكون قد حصلت مشاركة المحافظة والأمانة والوزارة والأهالي والطلاب، أما في خلال الأسبوع وبحسب تصريح المسؤول المنشور في الصحف ستوزع الوزارة عددا من الشتلات والنشرات الإرشادية والملصقات وتنظم بعض المحاضرات والندوات التوعوية للمواطنين كما سيتم استغلال ساحات الملاعب الرياضية للتنويه بهذا الأسبوع خلال المباريات، ويتغير في أسبوع المرور الأمين بمدير المرور فقط، ومن المعهود أن يتكرر في الحفل الختامي إلقاء الكلمات ثم توزيع الدروع وشهادات التقدير على الجهات المشاركة. أسبوع المرور الخليجي يحمل الرقم (26) وأسبوع الشجرة يحمل الرقم (33) ومع ذلك مازالت الأسابيع تسير في نمطها المعهود، كلمات وخطب ونشرات ودروع يقدمها المسؤول الكبير لرؤساء الدوائر والمشاركين، ودرع كبير من الجهة المنظمة للمسؤول الكبير وبذلك تكون الميزانية صرفت بشكل كامل وتحقق الهدف الحقيقي وهو الحضور في وسائل الإعلام والتقارير السنوية الرسمية كما قال أحد المسؤولين بالحرف الواحد: " سيكون أسبوعا مركزا لإيصال رسالة الأمانة إلى السكان وإثراء الوسائل الإعلامية بأنشطة ومشاريع وأفكار هادفة للمدينة" فالهدف إثراء الوسائل الإعلامية وليس إثراء الجمهور المستهدف. الرسالة تم توصيلها بمحاضرة على الطلاب المتشبعين أساسا بالحصص النظرية ومنشورات مباشرة مكرورة يجمعها عمال النظافة في نهاية الدوام وموضوعات تعبير تكتبها الأمهات والأخوات بالنيابة، ووسائل تعليمية منقولة ومكررة، ولو دخلنا المنتديات كمنتدى التربية والتعليم لوجدنا طلبات لمطويات عن الأسابيع واستجابات سريعة من مشاركين في المنتدى وروابط لاحصر لها وشكوى من المشرفين من عدم الاهتمام كقول أحدهم في موقع الأمانة:" للأسف الشديد لايوجد هناك اهتمام بهذا الموضوع الهام جدا لصحتنا، وأكبر دليل على ذلك قلة من يدخل ويعلق ويبدي رأيه فيه" ألا وهو أسبوع الشجرة. التوعية في الأسابيع ليست حفلات ودروعا وشهادات تقدير وفلاشات وكلمات إنشائية وتقريرية ومحاضرات جافة على الطلاب ينساها الناس بنهاية الأسبوع ولا يتذكرونها إلا مع أسبوع جديد في سنة جديدة ورقم تسلسلي جديد، ولا يتغير فيها إلا أسماء بعض المسؤولين والشعار الجديد للأسبوع، مع أن المطلوب من الأسبوع أن يركز على غرس المفاهيم وترسيخ السلوكيات، بحيث يكون الهدف هو بناء ثقافة تراكمية لاتنتهي بانتهاء الحفل وانفضاض السامر، عمل يتم التخطيط والإعداد له بشكل علمي ويتم تنفيذه على مدار العام ويأتي الأسبوع إعلانا بالبدء أو تتويجا لموسم قطف الثمار، وتكون وسائل الإعلام وسائل معينة لتحقيق الأهداف ولاتصبح هي الهدف الذي يتحقق أكثر كلما كانت الفلاشات أكثر لمعاناً والطبول أكثر قرعاً وأعلى صوتاً. عندما قررت بريطانيا الانتقال من النظام الأسبوعي لجمع النفايات من المنازل إلى أسلوب الفرز حسب أنواعها القابلة للتدوير لم تبدأ بتطبيقه إلا بعد مرور عام على إعلانه، وفي خلال العام قامت بحملة مكثفة على طلاب المدارس والجامعات وفي الأحياء وأماكن العمل والساحات وكانت لوسائل الإعلام مساحة يسيرة من الحملة، ولم يتم البدء بالتنفيذ إلا بعد أن علم الجميع بأدق التفاصيل عن المشروع، وأصبح الأبناء يعرفون عن أنواع التدوير وفوائده وأضرار النفايات على الصحة والبيئة بحيث لو تقاعس أحد الوالدين لوجد أطفاله يحثونه ويدفعونه دفعا للالتزام بالتعليمات. ضياع للوقت وضياع للجهد وضياع للمال أن نقيم أسبوعا لايحقق أهدافه الحقيقية، ومن غير المقنع أن نقيم أسبوعا للشجرة ونحن نرى الحدائق جافة والشتلات المغروسة في الأسبوع قد جفت بعد فترة، أو نرى عمال البلدية يزرعون على مدار العام ثم نتذكر طلابنا أسبوعا في العام ليقوموا بدور العمال في مشهد تمثيلي صوري، ومن خطأ الرسالة التربوية أن نجعل الأسبوع وسيلة لخروج الطلاب من المدرسة دون فائدة معرفية أو سلوكية، ومن الهدر أن نجعل الأفراد يوزعون النشرات والزهور في أسابيع المرور أمام الكاميرات ثم يجد الشباب أنفسهم في نقاط التفتيش المرورية يعاملون بصلف من بعض الأفراد، وتتركز حملات الأسبوع على شعارات تتعلق بالمركبة أو الراكب أو السائق، والحوادث لدينا تتزايد، وتهور السائقين واستخدامهم للجوال أثناء القيادة ترتفع معدلاته والضحايا تسيل دماؤهم في الطرقات، أو نقيم أسبوعا للنظافة والأشجار في حدائقنا ومتنزهاتنا وبرارينا مزدانة بأكياس النايلون صديقة البيئة، وأكياس النفايات خارج الحاويات أكثر مما بداخلها، تنقلها عاملات المنازل ولا يعلم عنها المستهدفون بالحملة، وإضراب عمال النظافة يوما يحيل المدينة إلى معمل للروائح النفاذة. أساليب التوعية في الأسابيع تحتاج إلى إعادة نظر وكثافة التغطية الإعلامية لاتعني بالضرورة أن تكون الحملة ناجحة، وكثرة المطويات والنشرات الملونة والمطبوعة طباعة فاخرة ليست دليلا على أنها مقنعة للمتلقين، ونيل الدروع وشهادات التقدير ليس شهادة على أن من حصل عليها قد قام بعمل متميز وغير عادي، وعدم وجود دراسات تتبعية تقيس مدى نجاح هذه الحملات وتحقيقها لأهدافها دليل على أننا نسير بالبركة، ونحتاج قبل ذلك وبعده إلى أن نغير هدفنا من حملة إعلامية مبهرجة بالأضواء ترضي المسؤول إلى حملة توعية تبرئ الذمة.