نسمع ونقرأ بصفة مستمرة أخبار الدراسات العلمية والطبية التي تحذر من أنواع معينة من المأكولات أو المشروبات أو تؤكد الفوائد الصحية لنفس الأنواع . أصبح الناس في حيرة من أمرهم في كيفية التعامل مع تلك الأخبار خاصة بعد أن كبرت قائمة المأكولات الخطيرة على الصحة . وهناك دراسات من نوع آخر تركز على الظواهر السلوكية للإنسان أو الحيوان وتخرج بنتائج تتناقلها وكالات الأنباء حتى وإن لم تأت بجديد وإنما تؤكد حقائق معروفه لدى عامة الناس . الأكيد أن أهمية تلك الدراسات تعود إلى مصدرها ، والمصدر هو دول متقدمة في مجال الأبحاث والعلوم وهو ما أكسبها مصداقية تجعل المتلقي يتقبلها ويستشهد بها ويلتزم بنتائجها . ما رأيك لو قرأت معي أن أحد الباحثين توصل إلى أن الشعب السعودي يحب الكبسة . وما رأيك في الأخبار التي تقول إن ساعات النوم في الليل أفضل من النهار! ألم يذكر هذا في القرآن الكريم ؟ وقد قررت أن أقوم بدراسة تعتمد على الملاحظة ، وخطرت لي هذه الفكرة حين كنت أشرب القهوة في أحد المجمعات التجارية بأمريكا ( أؤكد أن الحدث وقع أمام المقهى ولم أذهب أنا للفرجة ) ، فقد لاحظت أن كيساً صغيراً من الحلوى سقط على أرضية السوق من أحد المتسوقين . وبدأت أتأمل في سلوك المتسوقين فلاحظت أن بعضهم لم ينتبه إليه لآنه يركز على النظر إلى الأمام وليس إلى أسفل ، وبعضهم رأى الكيس وتجاهله ، وبعضهم كاد أن يتعثر به ثم قرر تركه ، وبعض المتفرجين مثلي كانوا يتفرجون من باب الفضول انتظار من يلتقط كيس الحلوى! لم يفعل أحد ذلك ، ولكني اكتشفت أنني خرجت بدراسة وقررت نشر نتائجها فبعد ملاحظة سلوك المتسوقين تجاه كيس الحلوى توصلت إلى النتائج التالية: إن من يركز نظره إلى الأمام لا يلتفت إلى صغائر الأمور. إن المتسوق في أمريكا لا يحب الحلوى المرمية على الأرض !!! إن الانسان يخاف من المجهول . إن الخوف من الأمراض يسيطر على سلوك الناس . إن الحلوى التي تسقط على أرضية السوق ولا يعرف مصدرها لاتغري أحداً بامتلاكها لأنها تثير الشك . إن هناك من يصنع الأحداث وهناك من يتفرج عليها ، وهناك من يتحدثون عنها ، ويتساءلون كيف حدث هذا؟ في حالة كيس الحلوى ، اليكم التساؤلات المطروحة من الفضوليين المتفرجين من أمثالي: هل سقطت الحلوى من أحد الأطفال؟ هل سقطت من شخص كبير في السن ولم يستطع التقاطها؟ هل كانت في عربة طفل وسقطت دون أن تنتبه الأم؟ هل هي دعاية من أحد محلات بيع الحلوى؟ أليس من الأفضل انها سقطت لأن الحلوى مضرة؟ هل وضعها مراسل إحدى الصحف ليعد تقريراً عن سلوك الناس؟ هل هي إحدى خدع برامج الكاميرا الخفية؟ وأخيراً هل سنسمع في نشرة الأخبار أن أحد مراكز البحث المتطورة توصل بعد أبحاث مستفيضة إلى وجود علاقة بين درجة الفضول وبين انخفاض درجة الرغبة في التسوق أو علاقة بين اللقافة ، وبين الاكتشافات العلمية . وأخيراً هل يمكن القول " أنا ملقوف إذن أنا موجود "