فقدنا يوم الاثنين الفائت أخاً عزيزاً و رجلاً من رجال الوطن المخلصين إنه الأستاذ الشيخ/ عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن المنيع ، وتالله إن الكلمات لتعجز عن وصف مقدار الألم الذي شعرت به عندما تلقيت خبر وفاته من صديقنا أبي نواف ظهر الاثنين ، ولكننا راضون بقدر الله وقضائه . ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها لكان رسول الله حيّاً مخّلداً لقد كان هذا الأخ - رحمه الله - نعم الأخ والزميل والصديق الناصح الوفي للجميع ، ولعلي اقتطف شيئاً من شذرات ما رأيت فيه، حيث أكرمني الله بالتعرف عليه ومزاملته في مملكة البحرين حيث كنا موفدين للتدريس هناك قبل سنيات، رجلُ عرفته فأحببته يأسرك بأخلاقه ولطف معشره ، رجلٌ صاحب حفاوة عند اللقاء قلما تجدها في أي إنسان ، صاحب لسان يلهج بالدعاء لكل من يقابله ويسلم عليه، رجلٌ إذا رأيته رأيت نور الطاعة يشرق من محياه وابتسامة مضيئة لا تكاد تفارق مبسمه، حتى والمرض ينخر جسمه الوضاء وهو في مستشفى الملك خالد الجامعي ، زرته مراراً فوجدته صابراً محتسباً ذا نفس مطمئنة راضية بما قدر الله لها ، فكان كلما دخلت عليه يسلم ويحتفي حفاوة بالغة بي وبأولادي وكأننا نحن المرضى وهو الصحيح المعافى-غفرالله له- ، أما عن كرمه فحدث ولا تقف يعرف ذلك القاصي والداني رجل معطاء مكثار من الخير والكرم ، رجلٌ عوَد الجميع صباح كل يوم في مكتبه باللقاء على قهوته يتخلل ذلك نقاش أحداث الساعة و المزاح الأخوي اللطيف . رجلٌ يحب جمع الإخوة والأصحاب في مجلسه العامر على موائده الزاخرة ، وقد أخذ على نفسه –رحمه الله- تلمّس حاجة المحتاجين، فكان لعمل الخير نصيب كبير من وقته واهتماماته. وكان ديدنه وشعاره ( خير الناس انفعهم للناس). ومن الجوانب المشرقة التي عرف بها الفقيد بين الجميع تشرّبه معنى المواطنة الحقّة فكان خير ممثل لدولته حيث عرف بحزمه وقوته عندما يكون الحديث عن الدولة –حرسها الله- فقد كان منافحاً ومكافحاً و ذائداً عن الوطن ، يحب الحديث عن وطنه ومآثر قيادته ويفاخر بهما في كل محفل، ويرد كل من يحاول الإساءة بحماسٍ قل نظيره فعليه من الله شآبيب الرحمة والغفران. وإن أنسى فلا أنسى أن أعزي زوجته التي رافقته فكانت صاحبة سيرة عطرة وذكر طيب بين الجميع أسأل الله لها الثبات في فقيد الجميع . وحسبنا أخيتي في مصابنا - أبي محمد – أنّه لم يمت فالذكر للإنسان عمر ثانٍ . وعزاؤنا قول الشاعر : وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوماً أن ترد الودائع وأخيرا أعزي نفسي وأولادي وزملائي بفقد هذا الإنسان الجليل، كما أعزي والديه وإخوانه وأخواته وكل من عرف هذه القامة العليا التي واراها الثرى في مقابر الزلفي ونسأل الله أن يعلي منزلته في الممات كما أعلاها في الحياة ، اللهم ارحمه رحمة واسعة واجعله في منازل الصديقين والشهداء والصالحين .