ليست هذه المرة الأولى - ويُحتمل أنها لن تكون الأخيرة - التي يُورط فيها الموساد حكومة اسرائيل في ازمات دبلوملسية مع دول العالم وبريطانيا خصوصاً، بسبب عمليات الاغتيال او عمليات جمع المعلومات. ففي سنوات الثمانينيات وقعت حادثتين من هذا النوع، وكان تأثيرهما مشابه لتأثير عملية اغتيال المبحوح في دبي. الاولى عندما نسي مبعوث الصناعة العسكرية حقيبة كان فيها عدد من جوزات السفر البريطانية، وقد قام احد المواطنين باستدعاء الشرطة، واتضح ان الجوزات تعود للموساد وسُلمت للمبعوث ليستخدمها وفد رفيع المستوى من الصناعات العسكرية في طريقه للصين لاجراء مفاوضات سرية حول صفقة اسلحة كبرى، لانه في ذلك الوقت لم يكن بين اسرائيل والصين علاقات دبلوماسية، وتصلب الصينيين في مطلبهم بان يأتي الوفد بأي هوية اخرى غير الاسرائيلية. وفي حادثة أخرى اكثر خطورة في نهاية الثمانينيات طردت حكومة مارغريت تاتشر عميلين للموساد كانا يعملان تحت غطاء دبلوماسي من السفارة الاسرائيلية في بريطانيا، اسمهما يعكوف براداه وارييه ريغيف وقد تم طردهما رداً على الزعم البريطاني بان الموساد كان يعلم بعملية الاغتيال ولم يبلغ السلطات عنها، وهي العملية التي اغتيل فيها رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن. وفي حادثة اخرى قبل عدة سنوات خفضت حكومة نيوزيلندا مستوى العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، عقب اعتقال وادانة اثنين من عملاء الموساد بمحاولة الحصول على جوزات سفر نيوزيلندية بشكل غير نظامي بالتظاهر بانهما مواطنان، وعلى الفور اضطرت اسرائيل الى الاعتذار، ووعدت بعدم استخدام جوزات او هويات نيوزيلندية مرة اخرى، وبعدها عادت العلاقات الى سابق عهدها. كذلك اعطت اسرائيل وعداً آخر قبل ذلك لحكومة كندا، وذلك عندما اعتقل عدد من عملاء الموساد يحملون جوازات كندية في عمان عام 1997 اثناء محاولتهم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وقد غضبت حينها الحكومة الكندية وطلبت ايضاحات حول ما جرى من وزارة الخارجية في تل ابيب، ووعدت اسرائيل بان لا تكرر مرة اخرى فعلتها. وقد تم الكشف عن عشرات الحوادث خلال الثلاثين سنة الماضية في فرنسا وايطاليا وسويسرا واليونان والمانيا، حيث تم على أراضي هذه الدول القبض على الكثير من عملاء الموساد أثناء قيامهم بتنفيذ عملياتهم، وغالبية هذه القضايا انهيت خلف الكواليس وبهدوء. الموساد ووزارة الخارجية أوضحوا ان هذه العمليات وغيرها لم تكن تهدف الى اختراق سيادة الدولة التي جرت العملية على اراضيها، وهذه العمليات ليست الا جزءً من الجهود الاسرائيلية لمكافحة “الارهاب”، غير ان الكثيرين رأوا ان هذه المبررات غير مقنعه رغم محاولة وزارات الخارجية لتلك الدول اقناعهم بالوضع الخاص لاسرائيل حتى لو لم يكونوا راضين من انتهاك سيادة بلدانهم. من المتوقع ان تنضم لبريطانيا دول اخرى وتتخذ خطوات احتجاج دبلوماسية ازاء اسرائيل، وخاصة استراليا وايرلندا، لكن يمكن الافتراض بان العلاقات بين الموساد ومخابرات تلك الدول لن تتضرر بتاتاً، ويمكن أيضاً الافتراض بان يكون الموساد اكثر حذراً في المستقبل. والسؤال الاهم هنا هو هل عملية الاغتيال تستحق المخاطرة، وتحمل تبعاتها إذا كانت من النوع القذر وعلى أرض دولة تسمح بتعقب الفاعلين؟ يوسي ملمان -هآرتس