الإعلام صناعة مضمونة التسويق وعلى مدار الساعة ولهذا إن لم يتم احتضانها وتقديم التسهيلات اللازمة لها فهذا يعني أن هناك خللا كبيرا. لو لم تؤسس إمارة دبي في العام 2001 مدينة دبي للإعلام وتجهز لها البنية الأساسية لما استطاعت أن تستقطب عشرات القنوات العربية والتي تبث برامجها من تلك المدينة والتي يعكس وجودها دخلا متناميا للإمارة من حيث توفير آلاف الفرص الوظيفية سواء القادمة من الخارج والتي تنفق الجزء الأكبر من دخلها في الإمارة في السكن والمواصلات والاتصالات والخدمات وغيرها أم تلك الموجودة وتبحث عن فرص عمل أو فرص أكثر تميزاً، ولهذا عكس وجود مدن كالإعلام والإنترنت والاستديوهات فرصاً متنامية في دبي. في الأعوام الأخيرة اهتمت أبوظبي باستقطاب العديد من المؤسسات الإعلامية العالمية في مدينة (تو فور ففتي فور) والتي تضم إلى جانب المكاتب والاستديوهات أكاديمية للتدريب الإعلامي والتي بدأت تستقطب الكثيرين ومن أهم الوسائل الإعلامية التي استقطبتها هذه المدينة محطة سي إن إن الإخبارية العالمية والتي اتخذت من ابوظبي المقر الرئيسي لها لمنطقة الشرق الأوسط ويعتبر مكتبها الإقليمي في ابوظبي الثاني خارج أمريكا بعد هونج كونج وتحقق أبوظبي قفزات في مجال الإعلام سواء من حيث تنظيم المهرجانات أو الملتقيات ولعل آخرها قمة أبوظبي للإعلام والتي اختتمت في الأسبوع الأول من الشهر الحالي. وكل هذا ولا شك بهدف وضع ابوظبي على خارطة الإعلام المميز رغم وجود مدينة إعلامية كبرى في دبي والتي لا تبعد عنها إلا بضع كيلومترات. هنا في المملكة العربية السعودية ورغم أننا المحرك الإعلامي الأكبر في المنطقة والمستهدف الأول بما يؤسس من قنوات وما ينتج من أعمال إلا أن علاقتنا بالإعلام بقيت علاقة المستورد للمحتوى الإعلامي والمصنع على استحياء أما لماذا فالإجابة بمنتهى البساطة أننا لم ننظر إلى الإعلام كصناعة مضمونة الاستثمار ولم تسعَ الجهات الرسمية إلى إيجاد آليات لجذب المستثمرين لهذه الصناعة وتقديم الدعم لها أسوة بما تقدم هيئة الاستثمار لإنشاء المدن الصناعية. نسمع كثيراً عن مدن إعلامية ولكننا لم نرَ واحدة منها حتى الآن ولهذا عندما أعلنت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن تأسيس مدينة الإنتاج الإعلامي بحي القيروانبالرياض على مساحة 29900 متر وتشتمل على مبنى تجاري ومكتبي ومبنيين للأستديوهات كل ما حدث هو أن هذا الخبر رفع أسعار العقارات في حي القيروان بحسب ما ذكرت «الرياض» في عددها الصادر بتاريخ 8 محرم 1430. المساحة التي حددتها الهيئة تعتبر مساحة صغيرة جداً لما يسمى بمدينة إعلامية والتي تحتاج إلى أضعاف هذه المساحة كمواقع للتصوير الخارجي وبناء مدن للتصوير ولكنها خطوة جيدة رغم أننا لا نعلم ما الذي تحقق منها حتى الآن؟. أن تبادر الجهات الرسمية في المدن الرئيسية إلى تأسيس مدن إعلامية كبرى يعني استقطاب كبار صناع الإعلام من قنوات وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام بقنواتها ومحطات كبرى مثل ام بي سي وروتانا وراديو وتلفزيون العرب وعشرات المنتجين السعوديين كمرحلة أولى يليها فتح المجال أمام الشركات العربية للدخول إلى هذه المدن الإعلامية. وزارة الثقافة والإعلام وضعت آليات لافتتاح مكاتب لشركات البث الفضائي ومنحت تراخيص لقنوات البث المسموع ولها خطة كبيرة للتوسع في هذا المجال إضافة إلى أنها ستحول قنواتها إلى مؤسسة عامة في القريب العاجل وكل هذا يجب أن تصاحبه قفزة على مستوى استقطاب المزيد من رؤوس الأموال للدخول إلى صناعة الإعلام بل وتوطينه وهو ما سيتيح لنا عشرات الفرص الوظيفية ويعكس دورنا الكبير في صناعة الإعلام، وهذا ولا شك يحتاج إلى قرارات سريعة لتأسيس هذه المدن التي يجب أن تحتوي بالإضافة إلى المساحات اللازمة لاستديوهات التصوير والبث إلى تأسيس أكاديميات للتدريب وتطوير قدرات العاملين في مجال الإعلام ولفتح العديد من الفرص أمام شباب وشابات هذا الوطن للاستفادة من نهضة الإعلام وإعادة توطين المهاجر منه ولو بصفة جزئية.