قلت سابقاً بأن عودة الشاعر ساري ستعيد بوصلة الشعر من جديد بعدما مللنا من الأغاني ذات"الكلام الأبيض"وغيرها، ساري مختلف نهائياً عن ما نسمعه من الشعراء، وتأكيدا على ذلك ظهر في اوبريت"وحدة وطن" بالشكل المتوقع وبروز كل حرف من حروفه بشكل مختلف عن الآخر، هي قدرات لا تتواجد مع كل شاعر بل تختلف من إنسان الى آخر، وهو بهذا يختلف عن زملائه بمحتوى القصيدة التي يطلقها من حسّ عال يتغنى بها الطيور كما هو في افتتاح مهرجان الجنادرية"وحدة وطن"، ما سمعناه هو إيضاح بمعاني ما نكنه نحن وما تختزله أنفسنا، هي الأحاسيس التي نبحث عنها دائما هي نبتة من أرض خصبة تظهر ولا يشابهها احد، هي تجربة ساري في الشعر، أن يقول كل شيء بخيال ومصداقية في تصوير الحياة ببساطتها وعمقها، إن كانت خاصة أو عامة، وانطلاقا من الحس في تكملة الأجراس الموسيقية التي تقوي من جمالية الشعر، هو الميزان الشعري يعود ليكون نفسه في الواقع، وما سمعناه في"وحدة وطن"غير معالم كثيرة منها عودة الشعر الشعبي إلى مكانه الطبيعي بعد عزوف من المطربين في أن يقدموه، هي اللذة في الشعر والجولة بين حروف القصيدة يعطي انطباعا جميلاً بتفرد الكلمة الشعبية وانتصارها على الكلمات المعممة. كلاسيكيات"ساري"تختلف عن غيرها وما سمعناه من حناجر الفنانين فاق التصور في إرضاع هوى الفن للإبداع، التنوع وما كان في"وحدة وطن"هو التوقع لان النبتة المثمرة تكبر وتنتج في حال ظهورها من أرض خصبة كما هو الحال في إبداع ساري وأخذ الإحساس من هوانا كما هي العادة حينما ينطلق العشق"الكلاسيكي"في الشعر. قلت سابقاً عن"عودة ساري" ثم"ساري نبتة الأرض"، والآن أعيد تجاربي مع روعة ساري حينما تغرد الطيور في احتفالية عظيمة على انفسنا لنستمتع بغنائها تنفرد ليتبارى كل على حدة يقدمان الحس والوصف في حالة تميز، لا استغربها فهذا الحس"الكلاسيكي"حالة تندر في تطويع الألحان المموسقة الاوبرالية لتعيد نشاطها في تكوين جملة سحرية شعبية نمتلكها برهافة الحس. الكلمة الشعبية هي الأم فالشعر والحديث التي يزاملنا دوماً نعشقه لا نود الحديث الا به ولا نريد سماع شي الا هو، آه من روعة الحس الكلاسيكي الذي يرافقنا عندما يأتي من يدغدغ مشاعرنا بحروف، عندما عاد ساري في"خبرت الوقت"حول مسار الفنانين إلى اتجاه آخر كان هو مرتكزاً مهماً لهم وتكوين جماهيريتهم في الأخذ بالكلمة الكلاسيكية وتقديمها بشكلها الطبيعي لأنها لا تكلف الملحن شيء سوى التعرف على الأجراس الموسيقية لها. ساري لم يعد بل تعملق بشكل طبيعي لا يناسب الا ساري في حس"وحدة وطن".!