لا يزال الإقبال على فيلم (إسمي خان) مدهشاً، رغم مرور شهر على افتتاحه في دور العرض العالمية، الفيلم الذي أخرجه ببراعة "بوليودية" كاران جوهر -37 سنة-؛ يمثل بلا شك، اختراقا سينمائياً هندياً جديداً للفضاء السينمائي وللجمهور الأمريكي والعالمي، من خلال سرد حكاية إنسانية مؤثرة تدور في أمريكا وتشتبك مع التبعات العنصرية التي أنتجتها أهم أحداث العالم المعاصر حساسية وهي كارثة ال 11 سبتمبر. ويتناول الفيلم "خطاب الإرهاب" بصرياً، ولكن وفق قراءة إنسانية "بوليودية" مضادة لتيار الأفلام الهوليودية التي تصوّر العرب والمسلمين على أنهم إرهابيون وانتحاريون "همج"، كما هو حاصل الآن مع فيلم جون ترافولتا الجديد (من باريس مع حبي-From Paris with Love) للمخرج الفرنسي تيري مورال، صاحب فيلم (تيكن-Taken) الذي يسير في نفس اتجاه إخافة الجمهور والعالم من الإنسان العربي والمسلم "الإسلاموفوبيا". من هنا، وعلى مستوى الخطاب الإعلامي والدعائي، يأتي فيلم (إسمي خان) ليساهم في نفض الغبار "الآيديولوجي" عن السينما، متكئاً على قصة إنسانية في المقام الأول، وليس وفق طريقة القتل "البلايستيشنية" المسيئة عند "جون ترافولتا" (مايدعو للتساؤل هو أن الفيلمان يعرضان في نفس الزمان والمكان دون وجود أي موقف من الجهات العارضة للأفلام). أنا لست إرهابياً.. أنا اسمي خان! يبدأ فيلم (اسمي خان) من الشعار الذي يرفعه بطل الفيلم النجم الهندي شاروخان في وجه أفراد أمن مطار سان فرانسسيكو، بعد أن تشك الشرطة في "رضوان خان" بسبب اختلال توازنه لإصابته بالمرض التوحدي "متلازمة الاسبرجر"؛ عندما يعلن أمامهم، قائلاً: أنا اسمي خان.. أنا لست إرهابياً. وبموازات هذا الخط الدرامي ومن خلال تقنية "الفلاش باك" يستعيد البطل خان، المسلم والمقيم في أمريكا، ذكريات الطفولة الهندية، مع والدته التي انتشلته من التعصب والانجذاب للثأر خلال أحداث العنف والتصادم مع "الهندوس" عندما قالت له والدته بفطرتها الإنسانية: (في الدنيا هناك فقط أناس طيبون يعملون الخير وهناك أناس آخرون طالحون يعملون الشر، مهما تكون ديانتهم). هذه الكلمات البسيطة والعفوية ستكون مصباح خان في حياته عندما يدعوه أخوه للعمل والذهاب إلى أمريكا، لندخل مع الخط الدرامي الثالث في الفيلم من خلال زواجه من سيدة مطلقة "هندوسية" اسمها "منديرا" (شاروخان المسلم في الحقيقة متزوج من سيدة هندوسية). حبكة الفيلم الكبرى وذروة الصراع تبدأ مع حدث انهيار البرجين، وصعود أعمال العنف في أمريكا واضطهاد المسلمين.. وصولاً إلى القتل العنصري لطفل زوجة "خان" الهندوسية.. لنشاهد سلسلة أحداث وعقد، برع ثلاثي الفيلم في تحريكها ومعالجتها فنياً وجمالياً، فمن المقترح البصري والمقنع للمخرج كاران جوهر إلى سيناريو الكاتبة الهندية سيفاني إيجا (درست في سان فرانسيسكو) بمخيلتها وحبكاتها وتشويقها المتلاحق وصولاً إلى عبقرية الدور المركب لشاروخان، حيث تتحد العناصر الثلاثة لتنتج فيلماً ممتازاً يسجل نصراً جديداً لسينما العالم الثالث حتى لو تم تجاهل الفيلم في المسابقات والمهرجانات السينمائية العالمية. جدير بالذكر أن فيلم (إسمي خان) يمثل التعاون الثاني الذي يجمع الكاتبة ايجا بالمخرج جوهر، بعد فيلم (أبداً لا تقل وداعاً - never say good bye) والذي شارك فيه النجم الأسطورة أميتاب باتشان، إضافة لشاروخان والذي جرت أحداثه في نيويورك. أما على مستوى الإنتاج فقد كان مشتركاً بين والد المخرج هيرو جوهر وزوجة شاروخان، كوري خان الفيلم. وقد أنتج بتكلفة تجاوزت ثمانية ملايين دولار وبلغت مبيعاته حتى الآن 22 مليون دولار.